للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُسَنُّ ثَانِيَةٌ وَثَالِثَةٌ كَذَلِكَ، وَلَوْ خَرَجَ بَعْدَ الْغُسْلِ نَجَسٌ وَجَبَ إزَالَتُهُ عَنْهُ. وَيُنْدَبُ أَنْ لَا يَنْظُرَ الْغَاسِلُ مِنْ غَيْرِ عَوْرَتِهِ إلَّا قَدْرَ الْحَاجَةِ، أَمَّا الْعَوْرَةُ فَيَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهَا، وَأَنْ يُغَطِّيَ وَجْهَهُ بِخِرْقَةِ وَأَنْ يَكُونَ الْغَاسِلُ أَمِينًا، فَإِنْ رَأَى خَيْرًا سُنَّ ذِكْرُهُ أَوْ ضِدَّهُ حُرِّمَ ذِكْرُهُ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ كَبِدْعَةٍ ظَاهِرَةٍ وَمَنْ تَعَذَّرَ غُسْلُهُ يُمِّمَ كَمَا فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ. وَلَا يُكْرَهُ لِنَحْوِ جُنُبٍ غُسْلُهُ، وَالرَّجُلُ أَوْلَى بِالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةُ أَوْلَى بِالْمَرْأَةِ، وَلَهُ غُسْلُ حَلِيلَتِهِ مِنْ زَوْجَةٍ غَيْرِ رَجْعِيَّةٍ وَلَوْ نَكَحَ غَيْرَهَا وَأَمَةٍ وَلَوْ كِتَابِيَّةً،

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

قَوْلُهُ: (كَذَلِكَ) أَيْ أَوْلَى كُلٌّ مِنْهُمَا بِسِدْرٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَالثَّانِيَةُ مُزِيلَةٌ لَهُ، وَالثَّالِثَةُ بِمَاءٍ قَرَاحٍ فِيهِ قَلِيلُ كَافُورٍ؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ خَرَجَ بَعْدَ الْغُسْلِ نَجَسٌ وَجَبَ إزَالَتُهُ) أَيْ إنْ كَانَ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَإِلَّا فَتُنْدَبُ؛ لِأَنَّهُ آيِلٌ إلَى الِانْفِجَارِ وَعِنْدَ م ر وُجُوبُهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ أَيْضًا وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا ز ي. اهـ. ق ل وَلَوْ لَمْ يُمْكِنْ قَطْعُ الْخَارِجِ مِنْ الْمَيِّتِ بِغُسْلِهِ صَحَّ غُسْلُهُ وَصَحَّتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ كَالْحَيِّ السَّلِسِ وَهُوَ تَصِحُّ صَلَاتُهُ، وَكَذَا الصَّلَاةُ عَلَيْهِ م ر سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَقَوْلُهُ " كَالْحَيِّ السَّلِسِ " قَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ بِالسَّلِسِ وُجُوبُ حَشْوِ مَحِلِّ الدَّمِ بِنَحْوِ قُطْنَةٍ وَعَصْبَةٍ عَقِبَ الْغُسْلِ وَالْمُبَادَرَةُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ بَعْدَهُ، حَتَّى وَلَوْ أُخِّرَ لَا لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ وَجَبَتْ إعَادَةُ مَا ذُكِرَ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الْمَصْلَحَةِ كَثْرَةَ الْمُصَلِّينَ كَمَا فِي تَأْخِيرِ السَّلِسِ لِإِجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ وَانْتِظَارِ الْجَمَاعَةِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (إلَّا قَدْرَ الْحَاجَةِ) بِأَنْ يُرِيدَ مَعْرِفَةَ الْمَغْسُولِ مِنْ غَيْرِهِ. اهـ. مَرْحُومِيَّ.

قَوْلُهُ: (أَمَّا الْعَوْرَةُ فَيَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهَا) أَيْ فِي غَيْرِ الزَّوْجَيْنِ كَمَا مَرَّ ق ل قَوْله: (وَجْهُهُ) أَيْ وَجْهُ الْمَيِّتِ أَوَّلَ وَضْعِهِ عَلَى الْمُغْتَسَلِ؛ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: مِنْ أَوَّلِ وَضْعِهِ عَلَى الْمُغْتَسَلِ وَهِيَ تَقْتَضِي أَنَّهُ يُسْتَدَامُ تَغْطِيَتُهُ إلَى آخِرِ الْغُسْلِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ رَأَى خَيْرًا) كَاسْتِنَارَةِ وَجْهِهِ وَطِيبِ رَائِحَتِهِ وَقَوْلُهُ: " أَوْ ضِدَّهُ " كَسَوَادٍ وَتَغَيُّرِ رَائِحَتِهِ وَانْقِلَابِ صُورَتِهِ حُرِّمَ ذِكْرُهُ لِأَنَّهُ غِيبَةٌ لِمَنْ لَا يَتَأَتَّى الِاسْتِحْلَالُ مِنْهُ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: «مَنْ سَتَرَ عَلَى مُسْلِمٍ سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ» وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد: «اُذْكُرُوا مَحَاسِنَ مَوْتَاكُمْ وَكُفُّوا عَنْ مُسَاوِيهِمْ» وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ: «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا وَكَتَمَ عَلَيْهِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ أَرْبَعِينَ سَيِّئَةً» وَقَوْلُهُ " إلَّا لِمَصْلَحَةٍ " كَأَنْ كَانَ الْمَيِّتُ مُبْتَدِعًا مُظْهِرًا لِبِدْعَتِهِ، فَلَا يَجِبُ سَتْرُهُ بَلْ يَجُوزُ التَّحَدُّثُ بِهِ لِيَنْزَجِرَ النَّاسُ عَنْهَا؛ وَالْخَبَرُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُحَدِّثَ بِذَلِكَ عَنْ الْمُشْتَهِرِ بِبِدْعَتِهِ عِنْدَ الْمُطَّلِعِينَ عَلَيْهَا الْمَائِلِينَ إلَيْهَا لَعَلَّهُمْ يَنْزَجِرُونَ قَالَ: وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إذَا رَأَى مِنْ الْمُبْتَدِعِ أَمَارَةَ خَيْرٍ يَكْتُمُهَا وَلَا يُنْدَبُ لَهُ ذِكْرُهَا لِئَلَّا يُغْرِيَ بِبِدْعَتِهِ وَضَلَالَتِهِ بَلْ لَا يَبْعُدُ إيجَابُ الْكِتْمَانِ عِنْدَ ظَنِّ الْإِغْرَاءِ بِهَا وَالْوُقُوعِ فِيهَا بِذَلِكَ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ " إلَّا لِمَصْلَحَةٍ " عَائِدٌ لِلْأَمْرَيْنِ. اهـ. م ر فِي الشَّرْحِ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ تَعَذَّرَ غُسْلُهُ) لِفَقْدِ مَاءٍ أَوْ لِغَيْرِهِ كَاحْتِرَاقٍ وَلَوْ غُسِلَ لَتَهَرَّى شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (يُمِّمَ) وَتُنْدَبُ النِّيَّةُ فِي التَّيَمُّمِ كَالْغُسْلِ، وَقِيلَ: تَجِبُ؛ لِأَنَّهُ طَهَارَةٌ ضَعِيفَةٌ فَيَتَقَوَّى بِهَا، وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ لِأَنَّ شَرْطَهُ تَقَدُّمُ إزَالَتِهَا؛ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ وَتَعَذَّرَتْ إزَالَتُهَا كَالْأَقْلَفِ دُفِنَ بِلَا صَلَاةٍ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ م ر وَيَصِحُّ أَنْ يُيَمَّمَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ابْنُ حَجَرٍ وَيَجِبُ غَسْلُ بَاقِي بَدَنِهِ مَا عَدَا مَحَلَّ الْقُلْفَةِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ فَسْخُهَا اهـ.

قَوْلُهُ: (لِنَحْوِ جُنُبٍ) كَحَائِضٍ.

قَوْلُهُ: (أَوْلَى بِالرَّجُلِ) أَيْ الْأَفْضَلُ ذَلِكَ فَيُقَدَّمُ حَتَّى عَلَى الْحَلِيلَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ " وَالرَّجُلُ أَوْلَى بِالرَّجُلِ " أَيْ وُجُوبًا إنْ كَانَ الْمَعْنَى أَوْلَى مِنْ الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ، وَنَدْبًا إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَوْلَى مِنْ الْمَرْأَةِ الْمَحْرَمَ؛ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ " وَالْمَرْأَةُ أَوْلَى مِنْ الْمَرْأَةِ " أَيْ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ " أَوْلَى بِالرَّجُلِ " أَيْ الذَّكَرِ الْوَاضِحِ الَّذِي بَلَغَ حَدَّ الشَّهْوَةِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ: (وَلَهُ غَسْلُ حَلِيلَتِهِ) وَسَيَأْتِي أَنَّهُ بَعْدَ الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَهَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ " وَلَهُ غَسْلُ حَلِيلَتِهِ "، مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ " وَالْمَرْأَةُ أَوْلَى بِالْمَرْأَةِ " وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ " وَلِزَوْجَةٍ " مُسْتَثْنَى مِنْ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُهُ: " وَالرَّجُلُ أَوْلَى بِالرَّجُلِ " فَيَكُونُ عَلَى اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُشَوَّشِ وَيُشْتَرَطُ فِي الزَّوْجَةِ فِي الْأَوَّلِ أَنْ لَا تَكُونَ مُعْتَدَّةً عَنْ شُبْهَةٍ.

قَوْلُهُ: (غَيْرِ رَجْعِيَّةٍ) أَمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>