للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَرْعِيٍّ يَتَأَتَّى مِنْهُ تَحْصِيلُهُ وَالْكَسْبُ يَمْنَعُهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ أَيْضًا مَسْكَنُهُ وَخَادِمُهُ وَثِيَابُهُ وَكُتُبٌ لَهُ يَحْتَاجُهَا، وَلَا مَالَ لَهُ غَائِبٌ بِمَرْحَلَتَيْنِ أَوْ مُؤَجَّلٌ فَيُعْطَى مَا يَكْفِيهِ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى مَالِهِ أَوْ يَحِلَّ الْأَجَلُ لِأَنَّهُ الْآنَ فَقِيرٌ أَوْ مِسْكِينٌ. .

وَالثَّالِثُ الْعَامِلُ عَلَى الزَّكَاةِ كَسَاعٍ يُجْبِيهَا وَكَاتِبٍ يَكْتُبُ مَا أَعْطَاهُ أَرْبَابُ الْأَمْوَالِ وَقَاسِمٍ وَحَاشِرٍ يَجْمَعُهُمْ أَوْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ " كِفَايَتُهُ " أَيْ وَيَمْنَعُ فَقْرَ الشَّخْصِ وَمَسْكَنَتَهُ اشْتِغَالُهُ إلَخْ قَوْلُهُ: (لَا اشْتِغَالُهُ بِعِلْمٍ شَرْعِيٍّ) أَيْ فَلَا يَمْنَعُ فَقْرَهُ بَلْ يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ، قِيلَ: وَمِثْلُهَا وُجُوبُ نَفَقَتِهِ عَلَى وَالِدِهِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ حِينَئِذٍ، قَالَ الشِّهَابُ م ر: وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّكَاةِ ظَاهِرٌ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ مَرْحُومِيٌّ. وَقَوْلُهُ " ظَاهِرٌ " لَعَلَّهُ مِمَّا عُلِمَ مِنْ أَنَّ الْفَقِيرَ قَدْ ثَبَتَ لَهُ حَقٌّ فِي الزَّكَاةِ، لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ ز ي وُجُوبُ النَّفَقَةِ كَالزَّكَاةِ إذَا كَانَ يَتَأَتَّى مِنْهُ الْعِلْمُ، وَنَصُّهَا: مِثْلُهُ أَيْ فِي وُجُوبِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ مَا لَوْ كَانَ لَهُ كَسْبٌ يَلِيقُ بِهِ لَكِنَّهُ كَانَ مُشْتَغِلًا بِالْعِلْمِ وَالْكَسْبُ يَمْنَعُهُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ قِيَاسًا عَلَى الزَّكَاةِ أج. وَالْعِلْمُ الشَّرْعِيُّ الْفِقْهُ وَالتَّفْسِيرُ وَالْحَدِيثُ وَآلَاتُهَا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ) فِيهِ تَلْمِيحٌ إلَى أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِفُرُوضِ الْكِفَايَةِ لَا يَمْنَعُ الْفَقْرَ وَالْمَسْكَنَةَ قَوْلُهُ: (مَسْكَنُهُ) وَإِنْ اعْتَادَ السُّكْنَى بِالْأُجْرَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَزَلَ فِي مَوْقُوفٍ يَسْتَحِقُّهُ عَلَى الْأَوْجَهِ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ هَذَا كَالْمِلْكِ بِخِلَافِ ذَاكَ، ابْنُ حَجَرٍ. وَعِبَارَةُ م د عَلَى التَّحْرِيرِ: قَوْلُهُ " مَسْكَنُهُ " أَيْ الَّذِي يَحْتَاجُهُ وَلَاقَ بِهِ، فَإِنْ اعْتَادَ الْمَسْكَنَ بِالْأُجْرَةِ أَوْ فِي الْمَدْرَسَةِ وَمَعَهُ ثَمَنُ مَسْكَنٍ أَوْ لَهُ مَسْكَنٌ خَرَجَ عَنْ اسْمِ الْفَقْرِ بِمَا مَعَهُ كَمَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ، وَإِنَّمَا لَمْ يُبَعْ الْمَسْكَنُ هُنَا وَبِيعَ عَلَى الْمُفْلِسِ لِأَنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ اللَّهِ فَسُومِحَ فِيهَا بِخِلَافِ حَقِّ الْآدَمِيِّ، شَرْحُ عب قَوْلُهُ: (وَخَادِمُهُ) وَلَوْ لِمُرُوءَتِهِ بِأَنْ اخْتَلَّتْ مُرُوءَتُهُ بِخِدْمَةِ نَفْسِهِ أَوْ شَقَّتْ عَلَيْهِ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً. اهـ. م ر قَوْلُهُ: (وَثِيَابُهُ) وَلَوْ لِلتَّجَمُّلِ؛ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ صِحَّةُ إفْتَاءِ بَعْضِهِمْ بِأَنَّ حَلِيَّ الْمَرْأَةِ الْمُحْتَاجَةِ لِلتَّزَيُّنِ بِهِ عَادَةً لَا يَمْنَعُ فَقْرَهَا،. اهـ. ز ي قَوْلُهُ: (وَكُتُبٌ) وَإِنْ تَعَدَّدَتْ أَنْوَاعُهَا، فَإِنْ تَعَدَّدَتْ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ بِيعَ مَا زَادَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا إلَّا نَحْوَ مُدَرِّسٍ وَاخْتَلَفَ حَجْمُهَا ق ل. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَلَوْ تَكَرَّرَتْ عِنْدَهُ كُتُبٌ مِنْ فَنٍّ وَاحِدٍ بَقِيَتْ كُلُّهَا لِمُدَرِّسٍ وَالْمَبْسُوطُ لِغَيْرِهِ فَيَبِيعُ الْمُوجَزَ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَا لَيْسَ فِي الْمَبْسُوطِ فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ نُسِخَ مِنْ كِتَابٍ بَقِيَ لَهُ الْأَصَحُّ لَا الْأَحْسَنُ اهـ.

وَأَمَّا الْمُصْحَفُ فَيُبَاعُ مُطْلَقًا، لِأَنَّهُ تَسْهُلُ مُرَاجَعَةُ حَفَظَتِهِ، فَلَوْ كَانَ بِمَحَلٍّ لَا حَافِظَ فِيهِ تُرِكَ لَهُ سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ قَوْلُهُ: (وَلَا مَالَ لَهُ غَائِبٌ) أَيْ أَوْ حَاضِرٌ وَقَدْ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ اهـ خ ض تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا تُقَرِّرُ أَنَّ الْمِسْكِينَ أَحْسَنُ حَالًا مِنْ الْفَقِيرِ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى سَمَّى مَالِكِي السَّفِينَةِ مَسَاكِينَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمِسْكِينَ مَنْ يَمْلِكُ مَا مَرَّ، وَهُوَ غَالِبًا يَحْصُلُ مَا يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ الْكِفَايَةِ؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَعَوَّذَ مِنْ الْفَقْرِ» فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ وَسَأَلَ الْمَسْكَنَةَ فِي حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ، لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ؛ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَعَاذَ مِنْ الْمَسْكَنَةِ أَيْضًا. ثُمَّ حَمَلَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ اسْتَعَاذَ مِنْ فِتْنَةِ الْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ اللَّذَيْنِ مَرْجِعُ مَعْنَاهُمَا إلَى الْقِلَّةِ كَمَا اسْتَعَاذَ مِنْ فِتْنَةِ الْفَقْرِ دُونَ حَالِ الْفَقْرِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْغِنَى دُونَ حَالَةِ الْغِنَى؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَاتَ مَكْفِيًّا بِمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ؛ وَالْمَسْكَنَةُ الَّتِي سَأَلَهَا إنْ صَحَّ حَدِيثُهَا مَعْنَاهَا التَّوَاضُعُ وَأَنْ لَا يُحْشَرَ فِي زُمْرَةِ الْمُتَكَبِّرِينَ وَالْأَغْنِيَاءِ الْمُتَرَفِّهِينَ اهـ، ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. ثُمَّ نَقَلَ عَنْ خَلَائِقَ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّهُمْ قَائِلُونَ بِمِثْلِ مَذْهَبِنَا مِنْ أَنَّ الْفَقِيرَ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْمِسْكِينِ، خِلَافًا لِمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - حَيْثُ قَالَا: الْمِسْكِينُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْفَقِيرِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى: {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد: ١٦] أَيْ لَاصِقًا أَنْفَهُ بِالتُّرَابِ؛ لَكِنْ لَا فَائِدَةَ لِلْخِلَافِ هُنَا لِأَنَّ عِنْدَهُمَا يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَى وَاحِدٍ بَلْ فِي نَحْوِ الْوَصِيَّةِ لِأَحْوَجَ مِنْهُمَا، شَرْحُ الْعُبَابِ. يَعْنِي أَنَّ ثَمَرَةَ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا أَوْصَى لِلْأَحْوَجِ مِنْ الْفَقِيرِ أَوْ الْمِسْكِينِ فَتُصْرَفُ الْوَصِيَّةُ لِلْأَوَّلِ عِنْدَنَا وَلِلثَّانِي عِنْدَهُمَا اهـ.

قَوْلُهُ: (الْعَامِلُ) وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا، وَشَرْطُهُ أَهْلِيَّةُ الشَّهَادَاتِ وَفِقْهُ زَكَاةٍ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ مَا يَأْخُذُ وَمَنْ يُؤْخَذُ، وَإِلَّا فَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>