للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَاَلَّذِي يَفْطُرُ بِهِ الصَّائِمُ عَشَرَةُ أَشْيَاءَ) الْأَوَّلُ (مَا وَصَلَ) مِنْ عَيْنٍ، وَإِنْ قَلَّتْ كَسِمْسِمَةٍ (عَمْدًا) مُخْتَارًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ (إلَى) مُطْلَقِ (الْجَوْفِ) مِنْ مَنْفَذٍ مَفْتُوحٍ سَوَاءٌ كَانَ يُحِيلُ الْغِذَاءَ أَوْ الدَّوَاءَ أَمْ لَا كَبَاطِنِ الْحَلْقِ وَالْبَطْنِ وَالْأَمْعَاءِ. (وَ) بَاطِنِ (الرَّأْسِ) لِأَنَّ الصَّوْمَ هُوَ الْإِمْسَاكُ عَنْ كُلِّ مَا يَصِلُ إلَى الْجَوْفِ فَلَا يَضُرُّ وُصُولُ دُهْنٍ أَوْ كُحْلٍ بِتَشَرُّبِ مَسَامِّ جَوْفِهِ، كَمَا لَا يَضُرُّ اغْتِسَالُهُ بِالْمَاءِ، وَإِنْ وَجَدَ أَثَرًا بِبَاطِنِهِ، وَلَا يَضُرُّ وُصُولُ رِيقِهِ مِنْ مَعْدِنِهِ جَوْفَهُ أَوْ وُصُولُ ذُبَابٍ أَوْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِالنَّزْعِ تَرْكَ الْجِمَاعِ لَا الِالْتِذَاذِ ق ل. فَلَوْ اسْتَمَرَّ مُجَامِعًا بَطَلَ صَوْمُهُ مُطْلَقًا، وَأَمَّا الْكَفَّارَةُ فَإِنْ عَلِمَ بِالْفَجْرِ حَالَ طُلُوعِهِ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَإِلَّا فَلَا،

شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَاَلَّذِي يُفْطِرُ بِهِ الصَّائِمُ إلَخْ) هَذِهِ الْمُبْطِلَاتُ مَفَاهِيمُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْإِسْلَامِ وَالْعَقْلِ وَالنَّقَاءِ عَنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْإِمْسَاكِ عَنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ وَالْقَيْءِ، وَقَدَّمَ مَفْهُومَ الْإِمْسَاكِ؛ وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ عَادَةِ الْمُتُونِ أَخْذَ الْمُحْتَرَزَاتِ لِزِيَادَةِ الْإِيضَاحِ عَلَى الْمُبْتَدِي. وَقَدْ نَظَّمَهَا م د فِي قَوْلِهِ:

عَشَرَةٌ مُفْطِرَاتُ الصَّوْمِ ... فَهَاكَهَا إغْمَاءُ كُلِّ الْيَوْمِ

إنْزَالُهُ مُبَاشِرًا وَالرِّدَّهْ ... وَالْوَطْءُ وَالْقَيْءُ إذَا تَعَمَّدَهْ

ثُمَّ الْجُنُونُ الْحَيْضُ مَعَ نِفَاسِ ... وُصُولُ عَيْنٍ بَطْنَهُ مَعَ رَاسِ

قَوْلُهُ: (مَا وَصَلَ) أَيْ وَصَلَ مِنْ الظَّاهِرِ بِأَنْ يَأْتِيَ مِنْ خَارِجٍ، فَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا وَصَلَ مِنْ الْبَاطِنِ كَالرِّيقِ الْآتِي.

قَوْلُهُ: (مِنْ عَيْنٍ) بَيَانٌ لِمَا فَخَرَجَ الرِّيحُ وَالطَّعْمُ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ " مِنْ عَيْنٍ " أَيْ مِنْ أَعْيَانِ الدُّنْيَا، فَإِذَا أَكَلَ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ فَلَا يُفْطِرُ، شَوْبَرِيٌّ وع ش. وَمِنْ الْعَيْنِ الدُّخَانُ الْمَشْهُورُ فَيُفْطِرُ بِهِ لِأَنَّهُ كَدُخَانِ الْفَتِيلَةِ، بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَلَّتْ) أَيْ أَوْ لَمْ تُؤْكَلْ كَحَصَاةٍ.

قَوْلُهُ: (إلَى مُطْلَقِ الْجَوْفِ) هَذَا ظَاهِرٌ عَلَى النُّسْخَةِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا أَوْ الرَّأْسُ، أَمَّا النُّسْخَةُ الَّتِي فِيهَا ذَلِكَ فَيُرَادُ بِالْجَوْفِ خُصُوصُ الْبَطْنِ لَا مُطْلَقُهُ وَإِلَّا لَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ الرَّأْسُ، قَالَ خ ض: حَتَّى لَوْ أَدْخَلَ أُصْبُعَهُ فِي دُبُرِهِ أَفْطَرَ، وَكَذَا لَوْ فَعَلَ غَيْرُهُ بِهِ ذَلِكَ بِإِذْنِهِ، فَلْيَسْتَحْفِظْ حَالَةَ الِاسْتِنْجَاءِ مِنْ رَأْسِ الْأُنْمُلَةِ فَإِنَّهُ لَوْ دَخَلَ مِنْهَا أَدْنَى شَيْءٍ أَفْطَرَ، قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ. وَقَوْلُهُ: " حَتَّى لَوْ أَدْخَلَ أُصْبُعَهُ فِي دُبُرِهِ أَفْطَرَ " هَذَا إنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ خُرُوجُ نَحْوِ الْخَارِجِ إلَّا بِإِدْخَالِ أُصْبُعِهِ، وَإِلَّا أَدْخَلَهُ وَلَا فِطْرَ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْمَدَابِغِيُّ، حَرَّرَ.

قَوْلُهُ: (مِنْ مَنْفَذٍ) بِفَتْحِ الْفَاءِ كَالْمَخْرَجِ وَالْمَدْخَلِ، عَنَانِيٌّ.

قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ كَانَ يُحِيلُ إلَخْ) تَعْمِيمٌ فِي الْجَوْفِ، وَقَوْلُهُ " يُحِيلُ الْغَدَاءَ " أَيْ يُغَيِّرُهُ.

قَوْلُهُ: (كَبَاطِنِ الْحَلْقِ) مِثَالٌ لِقَوْلِهِ " أَمْ لَا " وَمَا بَعْدَهُ مِثَالٌ لِقَوْلِهِ " يُحِيلُ " فَهُوَ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوَّشٌ، وَبَقِيَ مِثَالُ مَا يُحِيلُ الدَّوَاءَ فَقَطْ كَبَاطِنِ الرَّأْسِ أَوْ الْأُذُنِ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَالْأَمْعَاءُ) وَهِيَ الْمَصَارِينُ جَمْعُ مِعًى بِوَزْنِ رِضًا.

قَوْلُهُ: (فَلَا يَضُرُّ إلَخْ) مُحْتَرَزُ شَيْءٍ مُقَدَّرٍ، أَيْ مِنْ مَنْفَذٍ مَفْتُوحٍ انْفِتَاحًا ظَاهِرًا يُحَسُّ. قَوْلُهُ: (وُصُولُ دُهْنٍ) وَمِنْهُ دُخَانٌ لَا عَيْنَ فِيهِ كَالْبَخُورِ، بِخِلَافِ مَا فِيهِ عَيْنٌ كَالدُّخَانِ الْمَشْهُورِ الْآنَ ق ل. وَعِبَارَةُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ وُصُولَ الدُّخَانِ الَّذِي فِيهِ رَائِحَةُ الْبَخُورِ أَوْ غَيْرِهِ إلَى جَوْفِهِ لَا يَضُرُّ وَإِنْ تَعَمَّدَ فَتْحَ فِيهِ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَيْنًا، أَيْ فِي الْعُرْفِ، وَأَمَّا الدُّخَانُ الْحَادِثُ الْآنَ الْمُسَمَّى بِالنَّتِنِ لَعَنَ اللَّهُ مِنْ أَحْدَثَهُ فَإِنَّهُ مِنْ الْبِدَعِ الْقَبِيحَةِ، فَقَدْ أَفْتَى شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ أَوَّلًا بِأَنَّهُ لَا يُفْطِرُ لِأَنَّهُ إذْ ذَاكَ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ حَقِيقَتَهُ، فَلَمَّا رَأَى أَثَرَهُ بِالْبُوصَةِ الَّتِي يَشْرَبُ بِهَا رَجَعَ وَأَفْتَى بِأَنَّهُ يُفْطِرُ. اهـ. م د. قَوْلُهُ: (مَسَامِّ) جَمْعُ سَمٍّ بِتَثْلِيثِ السِّينِ وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَمَسَامُّ الْجَسَدِ ثُقْبُهُ شَرْحُ م ر، أَيْ الَّتِي تَحْتَ الشَّعْرِ، وَمَسَامُّ أَصْلُهُ مَسَامِمُ كَمَحَاسِنَ جَمْعُ حَسَنٍ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ.

قَوْلُهُ: (جَوْفَهُ) مَعْمُولٌ لِوُصُولِ.

قَوْلُهُ: (اغْتِسَالُهُ بِالْمَاءِ) وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُمِيلَ أُذُنَهُ وَيَضَعَ فِيهَا الْمَاءَ لِلْمَشَقَّةِ كَمَا قَالَهُ م ر، وَلَا يَضُرُّ بَلْعُ رِيقِهِ إثْرَ الْمَضْمَضَةِ وَإِنْ أَمْكَنَ مَجُّهُ لِعُسْرِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ، ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ ع ش.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَضُرُّ وُصُولُ رِيقِهِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ طَاهِرًا صَرْفًا بِخِلَافِ وُصُولِهِ مُتَنَجِّسًا أَوْ مُخْتَلِطًا بِغَيْرِهِ أَوْ بَعْدَ خُرُوجِهِ لِأَعْلَى لِسَانِهِ وَلَوْ عَلَى حُمْرَةِ الشَّفَتَيْنِ، فَالشُّرُوطُ ثَلَاثَةٌ. قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَلَوْ أَخْرَجَ اللِّسَانَ وَعَلَيْهِ الرِّيقُ ثُمَّ رَدَّهُ وَابْتَلَعَ مَا عَلَيْهِ لَمْ يُفْطِرْ؛ لِأَنَّ اللِّسَانَ كَيْفَمَا تَقَلَّبَ مَعْدُودٌ مِنْ الْفَمِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ مَعْدِنِهِ) وَهُوَ مَنْبَعُهُ تَحْتَ اللِّسَانِ، مَرْحُومِيٌّ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ عَيْنٍ تَحْتَهُ، وَذَلِكَ الْمَنْبَعُ عَيْنٌ نَبَّاعَةٌ تُطْرِي اللِّسَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>