للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَأْخُذُهُ، وَأَمَّا سِتْرُهَا فَالْأَمْرُ فِيهِ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ يَصْرِفُهُ فِي بَعْضِ مَصَارِيفِ بَيْتِ الْمَالِ بَيْعًا وَعَطَاءً لِئَلَّا يَتْلَفَ بِالْبِلَى وَبِهَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ وَأَمُّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَجَوَّزُوا لِمَنْ أَخَذَهُ لُبْسَهُ وَلَوْ جُنُبًا أَوْ حَائِضًا.

(وَالْمُحِلُّ وَالْمُحْرِمُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي تَحْرِيمِ صَيْدِ الْحَرَمِ وَقَطْعِ شَجَرِهِ وَالضَّمَانِ (سَوَاءٌ) بِلَا فَرْقٍ لِعُمُومِ النَّهْيِ.

(قَاعِدَةٌ نَافِعَةٌ فِيمَا سَبَقَ) : مَا كَانَ إتْلَافًا مَحْضًا كَالصَّيْدِ وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ فِيهِ مَعَ الْجَهْلِ وَالنِّسْيَانِ، وَمَا كَانَ اسْتِمْتَاعًا أَوْ تَرَفُّهًا كَالطِّيبِ وَاللُّبْسِ فَلَا فِدْيَةَ فِيهِ مَعَ الْجَهْلِ وَالنِّسْيَانِ، وَمَا كَانَ فِيهِ شَائِبَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَالْجِمَاعِ وَالْحَلْقِ وَالْقَلْمِ فَفِيهِ خِلَافٌ وَالْأَصَحُّ فِي الْجِمَاعِ عَدَمُ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ مَعَ الْجَهْلِ وَالنِّسْيَانِ، وَفِي الْحَلْقِ وَالْقَلْمِ الْوُجُوبُ مَعَهُمَا.

خَاتِمَةٌ: حَيْثُ أُطْلِقَ فِي الْمَنَاسِكِ الدَّمُ فَالْمُرَادُ بِهِ كَدَمِ الْأُضْحِيَّةِ، فَتُجْزِئُ الْبَدَنَةُ أَوْ الْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةِ دِمَاءٍ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَسْبَابُهَا، فَلَوْ ذَبَحَهَا عَنْ دَمٍ وَاجِبٍ فَالْفَرْضُ سُبْعُهَا فَلَهُ إخْرَاجُهُ عَنْهُ وَأَكْلُ الْبَاقِي إلَّا فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ الْمِثْلِيِّ فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ كَالْأُضْحِيَّةِ، فَيَجِبُ فِي الصَّغِيرِ صَغِيرٌ وَفِي الْكَبِيرِ كَبِيرٌ وَفِي الْمَعِيبِ مَعِيبٌ كَمَا مَرَّ بَلْ لَا تُجْزِئُ الْبَدَنَةُ عَنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَمَا قِيلَ إنَّهُ يُبَدَّلُ فَمِنْ خُرَافَاتِ الْعَوَامّ ق ل قَوْلُهُ: (سِتْرُهَا) بِكَسْرِ السِّينِ قَوْلُهُ: (فَالْأَمْرُ فِيهِ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ) أَيْ إنْ كُسِيَتْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ كُسِيَتْ مِنْ مَوْقُوفٍ عَلَيْهَا رُوعِيَ شَرْطُ الْوَاقِفِ إنْ عُلِمَ، وَإِلَّا اتَّبَعَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ. أَمَّا إذَا كَسَاهَا شَخْصٌ مِنْ عِنْدِهِ وَقَصَدَ تَمْلِيكَ الْكَعْبَةِ فَإِنَّهَا تُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْكَعْبَةِ، وَإِنْ أَطْلَقَ أَوْ نَوَى الْعَارِيَّةَ رَجَعَ فِيهِ مَتَى شَاءَ، قَوْلُهُ: (بَيْعًا) بِأَنْ يَبِيعَهُ وَيَصْرِفَ ثَمَنَهُ فِي الْمَصَارِفِ. وَقَوْلُهُ " وَعَطَاءً " الْأَوْلَى " وَإِعْطَاءً " بِأَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ؛ لِأَنَّ عَطَا بِلَا هَمْزَةٍ مَعْنَاهُ أَخَذَ وَهُوَ لَا يُنَاسِبُ هُنَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ عَطَاءً اسْمٌ مِنْ الْإِعْطَاءِ، وَلَمْ يُعَبَّرُ بِهِ لِأَنَّهُ لَا وُجُودَ لِشَيْءٍ مِنْ الْمَصَادِرِ فِي الْخَارِجِ بَلْ آثَارُهَا؛ ذَكَرَهُ الزَّرْقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمَوَاهِبِ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ الْمُحَشِّي. قَوْلُهُ: (وَلَوْ جُنُبًا) لَكِنَّهَا الْآنَ مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا قُرْآنٌ وَذِكْرٌ فَيَنْبَغِي احْتِرَامُهَا وَصَوْنُهَا عَنْ اللُّبْسِ مُطْلَقًا تَعْظِيمًا لِمَا فِيهَا مِنْ الْقُرْآنِ؛ شَرْحُ الْعُبَابِ لِابْنِ حَجَرٍ قَوْلُهُ: (أَوْ حَائِضًا) وَلَا يَحْرُمُ تَنْجِيسُهُ أَيْضًا ق ل، أَيْ الْمَأْخُوذِ مِنْ سِتْرِ الْكَعْبَةِ.

قَوْلُهُ: (قَاعِدَةٌ نَافِعَةٌ) نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ:

مَا كَانَ مَحْضَ مُتْلَفٍ فِيهِ الْفِدَا ... وَلَوْ يَكُونُ نَاسِيًا بِلَا اعْتِدَا

وَإِنْ يَكُنْ تَرَفُّهٌ كَاللُّبْسِ ... فَعِنْدَ عَمْدِهِ بِدُونِ لَبْسِ

فِي آخِذٍ مِنْ دَيْنِ يَاذَا شُبِّهَا ... خُلْفٌ بِغَيْرِ الْعَمْدِ لِمَنْ يَشْتَبِهَا

فَعِنْدَ حَلْقٍ مِثْلِ قَلْمٍ يَفْتَدِي ... لَا وَطْؤُهُ بِغَيْرِ عَمْدٍ اعْتَمِدْ

قَوْلُهُ: (كَالصَّيْدِ) وَإِذَا أُكْرِهَ عَلَى إتْلَافِ الصَّيْدِ أَوْ نَحْوِهِ فَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ وَكَانَ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ وَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ ق ل قَوْلُهُ: (وَالنِّسْيَانِ) وَأَمَّا قَيْدُ التَّعَمُّدِ فِي الْآيَةِ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} [المائدة: ٩٥] إلَخْ فَقَدْ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ قَوْلُهُ: (أَوْ تَرَفُّهًا) الظَّاهِرُ أَنَّ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ فِي التَّعْبِيرِ لِأَنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ، فَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْوَاوِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ " أَوْ " بِمَعْنَى الْوَاوِ وَالْعَطْفُ لِلتَّفْسِيرِ قَوْلُهُ: (كَالْجِمَاعِ) فَإِنْ فِيهِ إتْلَافُ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ وَاسْتِمْتَاعًا، فَأَشْبَهَ إتْلَافَ الصَّيْدِ مِنْ الْجِهَةِ الْأُولَى.

قَوْلُهُ: (حَيْثُ أَطْلَقَ) بِأَنْ لَمْ يُوصَفْ بِشَيْءٍ يُخَصِّصُهُ، كَقَوْلِهِمْ فِي كَذَا شَاةٌ أَوْ دَمٌ ق ل قَوْلُهُ: (فَالْفَرْضُ سُبْعُهَا) أَيْ لِإِمْكَانِ التَّجَزُّؤِ بَعْدَ الذَّبْحِ، لِأَنَّ الذَّبْحَ وَاجِبٌ هُنَا بِخِلَافِ بِنْتِ الْمَخَاضِ الْمُخْرَجَةِ عَنْ دَمِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ حَيْثُ يَقَعُ جَمِيعُهَا فَرْضًا لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّجَزُّؤِ مَعَ وُجُودِ الْحَيَاةِ، فَتَأَمَّلْ م د قَوْلُهُ: (بَلْ لَا تُجْزِئُ الْبَدَنَةُ) أَيْ فِيمَا وَرَدَ فِيهِ نَصٌّ بِخُصُوصِهِ كَالشَّاةِ الْوَاجِبَةِ فِي الْحَمَامَةِ ق ل قَوْلُهُ: (وَحَاصِلُ الدِّمَاءِ) أَيْ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>