مَتَاعِ غَيْرِ الْمُشْتَرِي نَظَرًا لِلْعُرْفِ فِي ذَلِكَ وَقَبْضُ الْمَنْقُولِ مِنْ سَفِينَةٍ وَحَيَوَانٍ وَغَيْرِهِمَا بِنَقْلِهِ مَعَ تَفْرِيغِ السَّفِينَةِ الْمَشْحُونَةِ بِالْأَمْتِعَةِ نَظَرًا لِلْعُرْفِ فِيهِ.
وَيَكْفِي فِي قَبْضِ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُتَنَاوَلُ بِالْيَدِ التَّنَاوُلُ وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ قَبْضٌ لَهُ وَلَوْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَقَبْضُ إلَخْ. وَحَاصِلُ مَا ذُكِرَ فِيهِ سِتُّ صُوَرٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ " وَقَبْضُ غَيْرِ مَنْقُولٍ " صَادِقٌ بِالْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ لَكِنْ كُلٌّ مِنْهُمَا لَيْسَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي، وَقَوْلُهُ " وَقَبْضُ الْمَنْقُولِ " كَذَلِكَ، وَقَوْلُهُ " وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ تَحْتَ يَدِ الْمُشْتَرِي " فِيهِ صُورَتَانِ فَهَذِهِ سِتَّةٌ، وَبَقِيَ الْمَنْقُولُ وَغَيْرُهُ الْغَائِبَانِ اللَّذَانِ تَحْتَ يَدِ الْمُشْتَرِي وَحُكْمُهُمَا أَنَّ قَبْضَهُمَا يَحْصُلُ بِمُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْوُصُولُ إلَيْهِمَا، وَيُمْكِنُ فِيهِ النَّقْلُ أَوْ التَّخْلِيَةُ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا نَقْلٌ وَلَا تَخْلِيَةٌ بِالْفِعْلِ. وَهَذَا التَّفْصِيلُ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَبْضِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى صِحَّةِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ، فَيَتَوَقَّفُ عَلَى النَّقْلِ فِي الْمَنْقُولِ وَالتَّخْلِيَةِ فِي غَيْرِهِ وَعَلَى إذْنِ الْبَائِعِ فِي التَّصَرُّفِ إنْ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ وَعَلَى تَفْرِيغِ كُلٍّ مِنْ أَمْتِعَةِ غَيْرِ الْمُشْتَرِي وَعَلَى تَقْدِيرِ كُلٍّ إنْ كَانَ مُقَدَّرًا وَعَلَى مُضِيِّ زَمَنٍ مِنْ حِينِ الْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ يُمْكِنُ فِيهِ الْوُصُولُ إلَيْهِ إنْ كَانَ غَائِبًا بِيَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِ. أَمَّا الْقَبْضُ النَّاقِلُ لِلضَّمَانِ عَنْ يَدِ الْبَائِعِ إلَى يَدِ الْمُشْتَرِي فَمَدَارُهُ عَلَى اسْتِيلَاءِ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ؛ وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ: حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَبِيعَ إمَّا مَنْقُولٌ أَوْ غَيْرُ مَنْقُولٍ، وَعَلَى كُلٍّ إمَّا غَائِبٌ أَوْ حَاضِرٌ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ؛ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِيَدِ الْبَائِعِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ أَجْنَبِيٍّ، وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَشْغُولًا أَوْ غَيْرَ مَشْغُولٍ، وَالْمَشْغُولُ إمَّا بِأَمْتِعَةِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ أَجْنَبِيٍّ.
قَوْلُهُ: (وَنَحْوُ ذَلِكَ) أَيْ كَثَمَرِ عَلَى شَجَرٍ قَبْلَ أَوَانِ الْجُدَادِ وَإِلَّا كَانَ مِنْ الْمَنْقُولِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ: فَيُشْتَرَطُ فِي قَبْضِهِ نَقَلَهُ. وَجَعَلَهُ م ر مِنْ غَيْرِ الْمَنْقُولِ مُطْلَقًا. قَوْله: (بِتَخْلِيَةٍ لِمُشْتَرٍ) أَيْ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى التَّخْلِيَةِ مِنْ الْبَائِعِ إنْ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ، كَخَلَّيْتُ بَيْنَك وَبَيْنَهُ اهـ. وَإِلَّا فَيَسْتَقِلُّ الْمُشْتَرِي بِقَبْضِهِ، شَوْبَرِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَيُسَلِّمُهُ الْمِفْتَاحَ) أَيْ إنْ كَانَ مُغْلَقًا وَكَانَ الْمِفْتَاحُ مَوْجُودًا، وَلَوْ اشْتَمَلَتْ الدَّارُ عَلَى أَمَاكِنَ لَهَا مَفَاتِيحُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَسْلِيمِهَا وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْأَمَاكِنُ صَغِيرَةً كَالْخَزَائِنِ ح ل.
قَوْلُهُ: (وَبِتَفْرِيغِهِ) أَيْ إنْ كَانَ ظَرْفًا فِي الْعَادَةِ، لِيَخْرُجَ مَا لَوْ بَاعَ شَجَرَةً عَلَى رَأْسِهَا ثَوْبٌ مَثَلًا فَلَا يُشْتَرَطُ فِي قَبْضِهَا إزَالَةُ الثَّوْبِ عَنْهَا. وَهَذَا الشَّرْطُ مُعْتَبَرٌ فِي الْمَنْقُولِ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ إلَّا فِي السَّفِينَةِ، فَقَوْلُهُ فِيهِ بِنَقْلِهِ أَيْ مَعَ تَفْرِيغِهِ مِنْ مَتَاعِ غَيْرِ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ ظَرْفًا فِي الْعَادَةِ كَالصُّنْدُوقِ، فَيَخْرُجُ مَا لَوْ بَاعَ حَيَوَانًا عَلَى ظَهْرِهِ مَتَاعٌ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي قَبْضِهِ وَضْعُهُ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ مَتَاعِ غَيْرِ الْمُشْتَرِي) أَيْ وَحْدَهُ، فَيَشْمَلُ مَتَاعَ الْبَائِعِ وَحْدَهُ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ وَحْدَهُ أَوْ مَتَاعَهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ الْمُشْتَرِي. وَالْمُرَادُ بِأَمْتِعَةِ الْمُشْتَرِي مَا كَانَ لَهُ يَدٌ عَلَيْهَا وَلَوْ وَدِيعَةً وَإِنْ كَانَتْ لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ لِلْبَائِعِ بِأَنْ كَانَ الْمُشْتَرِي سَاكِنًا فِيهَا قَبْلَ الْبَيْعِ؛ وَقَالَ أج: قَوْلُهُ " مِنْ مَتَاعٍ إلَخْ " لِتَأَتِّي التَّفْرِيغِ هُنَا حَالًّا، وَبِهِ فَارَقَ قَبْضَ الْأَرْضِ الْمَزْرُوعَةِ بِالتَّخْلِيَةِ مَعَ بَقَاءِ الزَّرْعِ. وَاسْتَثْنَى السُّبْكِيُّ الْحَقِيرَ مِنْ الْأَمْتِعَةِ كَالْحَصِيرِ وَبَعْضِ الْمَاعُونِ، فَلَا يُقْدَحُ فِي التَّخْلِيَةِ وَلَوْ جُمِعَتْ الْأَمْتِعَةُ فِي بَيْتٍ مِنْ الدَّارِ وَخَلَّى بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَهَا حَصَلَ الْقَبْضُ فِيمَا عَدَاهُ، فَإِنْ نُقِلَتْ مِنْهُ إلَى بَيْتٍ آخَرَ مِنْهَا حَصَلَ الْقَبْضُ فِي الْجَمِيعِ، اهـ شَرَحَ م ر.
قَوْلُهُ: (نَظَرًا لِلْعُرْفِ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي الْقَبْضِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَيْهِ فِي كُلِّ مَا لَا ضَابِطَ لَهُ لُغَةً وَلَا شَرْعًا.
قَوْلُهُ: (مِنْ سَفِينَةٍ) لَوْ حَذَفَهَا لَسَلِمَ مِنْ تَكْرَارِهَا فِيمَا سَيَأْتِي ق ل. قَوْلُهُ: (بِنَقْلِهِ) فَلَوْ تَحَوَّلَتْ الدَّابَّةُ مَثَلًا بِنَفْسِهَا ثُمَّ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا الْمُشْتَرِي لَمْ يَكْفِ. وَنَقَلَ سم عَنْ م ر أَنَّهُ لَا يَكْفِي نَقْلُهُ عَلَى كَتِفِهِ أَيْ الْمُشْتَرِي مَثَلًا إذَا كَانَ ثَقِيلًا إلَّا إنْ وَضَعَهُ عَلَى مَكَان، فَمَا دَامَ حَامِلُهُ عَلَى كَتِفِهِ لَا يَحْصُلُ الْقَبْضُ الْمُفِيدُ لِلتَّصَرُّفِ. اهـ. سُلْطَانٌ.
قَوْلُهُ: (مَعَ تَفْرِيغِ السَّفِينَةِ) وَكَذَا كُلُّ مَا يُعَدُّ ظَرْفًا كَصُنْدُوقٍ، وَقَوْلُهُ " الْمَشْحُونَةُ بِالْأَمْتِعَةِ " أَيْ أَمْتِعَةِ غَيْرِ الْمُشْتَرِي.
قَوْلُهُ: (وَيَكْفِي فِي قَبْضِ الثَّوْبِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَضَعْهُ مِنْ يَدِهِ كَالدَّرَاهِمِ وَكَثَوْبٍ لَبِسَهُ، فَهَذَا قَبْضٌ لَا نَقْلَ فِيهِ مِنْ مَكَانِ الْبَائِعِ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ النَّقْلِ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْخَفِيفِ لَا بُدَّ أَنْ يَضَعَهُ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مَنْقُولًا إلَّا إنْ وَضَعَهُ فِي مَكَان لِغَيْرِ الْبَائِعِ ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ " وَيَكْفِي إلَخْ " كَالتَّقْيِيدِ لِقَوْلِهِ: وَقَبْضُ مَنْقُولٍ بِنَقْلِهِ وَقَبْضُ الْجُزْءِ الشَّائِعِ فِي الْمَنْقُولِ كَأَنْ بَاعَ نِصْفَ بَقَرَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ بِقَبْضِ كُلِّهِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ، فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فَنَصِيبُهُ مَضْمُونٌ بِأَقْصَى الْقِيَمِ وَالْقَرَارُ عَلَى