للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَهِلَهَا الْمُشْتَرِي لِأَنَّ قَتْلَهُ بِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ كَالْمُتَقَدِّمِ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ فِيهِ قُبَيْلَ الْقَتْلِ، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ بِمَرَضٍ سَابِقٍ عَلَى قَبْضِهِ جَهِلَهُ الْمُشْتَرِي فَلَا يَضْمَنُهُ الْبَائِعُ لِأَنَّ الْمَرَضَ يَزْدَادُ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى الْمَوْتِ فَلَمْ يَحْصُلْ بِالسَّابِقِ وَلِلْمُشْتَرِي أَرْشُ الْمَرَضِ وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَةِ الْمُبِيعِ صَحِيحًا وَمَرِيضًا مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ. وَيَتَفَرَّعُ عَلَى مَسْأَلَتَيْ الرِّدَّةِ وَالْمَرَضِ مُؤْنَةُ التَّجْهِيزِ فَهِيَ عَلَى الْبَائِعِ فِي تِلْكَ، وَعَلَى الْمُشْتَرِي فِي هَذِهِ.

وَأَمَّا الْأَمْرُ الثَّانِي وَهُوَ مَا يُظَنُّ حُصُولُهُ بِشَرْطٍ فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَ حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ بِشَرْطِ بَرَاءَتِهِ مِنْ الْعُيُوبِ فِي الْمَبِيعِ فَيَبْرَأُ عَنْ عَيْبٍ بَاطِنٍ بِحَيَوَانٍ مَوْجُودٍ فِيهِ حَالَ الْعَقْدِ جَهِلَهُ بِخِلَافِ غَيْرِ الْعَيْبِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَبْرَأُ عَنْ عَيْبٍ فِي غَيْرِ الْحَيَوَانِ وَلَا فِيهِ، لَكِنْ حَدَثَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ مُطْلَقًا لِانْصِرَافِ الشَّرْطِ إلَى مَا كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ، وَلَا مِنْ عَيْبٍ ظَاهِرٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِهِ فَلَا خِيَارَ) لِأَنَّهُ لَمَّا رَضِيَ بِهِ كَأَنَّهُ رَضِيَ بِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (مَثَلًا) أَيْ أَوْ قِصَاصٍ أَوْ تَرْكِ صَلَاةٍ أَوْ حِرَابَةٍ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ " مَثَلًا ". اهـ. أُجْهُورِيٌّ.

قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ بِمَرَضٍ) أَيْ أَوْ جُرْحٍ سَارٍ أَوْ طَلْقِ حَمْلٍ سَابِقٍ عَلَى الْقَبْضِ، ز ي.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمَرَضَ يَزْدَادُ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى الْمَوْتِ) وَكَذَا يُقَالُ فِي الْجُرْحِ يَزْدَادُ شَيْئًا فَشَيْئًا وَالْحَمْلُ يَنْمُو شَيْئًا فَشَيْئًا. وَلَوْ زَادَ الْمَرَضُ وَلَمْ يَمُتْ رَجَعَ بِالْأَرْشِ وَالْمَوْتِ لَيْسَ قَيْدًا، ز ي. وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ " وَكَذَا يُقَالُ فِي الْجُرْحِ يَزْدَادُ شَيْئًا فَشَيْئًا جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ لِي السُّؤَالُ عَنْهَا: وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا اسْتَعَارَ مِنْ شَخْصٍ فَرَسًا لِيَرْكَبَهَا إلَى مَحَلٍّ، فَرَكِبَهَا وَتَوَجَّهَ، فَأَخَذَهَا مِنْهُ الْقَوْمُ، ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ أَخَذَهَا مِنْ الْقَوْمِ وَقَدْ جُرِحَتْ بِرَصَاصَةٍ فَرَدَّهَا عَلَى مَالِكِهَا وَهِيَ مَجْرُوحَةٌ فَمَكَثَتْ عِنْدَهُ مُدَّةً ثُمَّ مَاتَتْ، وَهُوَ، أَعْنِي الْجَوَابَ ضَمَانُ الْمُسْتَعِيرِ أَرْشُ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْفَرَسِ صَحِيحَةٌ وَمَجْرُوحَةٌ أَيْ يُضْمَنُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا صَحِيحَةٌ وَمَجْرُوحَةٌ لَا أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا كُلَّهَا لِمَوْتِهَا بِسَبَبِ الْجُرْحِ؛ فَافْهَمْ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَا بَيْنَ إلَخْ) أَيْ قَدْرَ نِسْبَةِ مَا بَيْنَ قِيمَةِ الْمَبِيعِ صَحِيحًا وَمَرِيضًا إلَى الثَّمَنِ، لَا أَنَّهُ يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ نَفْسُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ قَدْرَ الثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ مَثَلًا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمَبِيعِ صَحِيحًا تِسْعِينَ وَمَرِيضًا ثَلَاثِينَ وَكَانَ الثَّمَنُ سِتِّينَ، فَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ سِتُّونَ. فَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَأْخُذُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ وَهُوَ سِتُّونَ لَجَمَعَ إذْ ذَاكَ بَيْنَ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ وَهُوَ الْمَبِيعُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الثَّمَنِ قَدْرَ نِسْبَةِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ وَهُوَ ثُلُثَا الْقِيمَةِ، فَيَأْخُذُ ثُلُثَيْ الثَّمَنِ وَهُوَ أَرْبَعُونَ؛ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ. وَيُعْتَبَرُ مَا بَيْنَ أَقَلَّ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَمَعِيبًا مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ إلَى وَقْتِ الرَّدِّ كَمَا قَالَهُ ق ل، فَقَوْلُهُ " إلَى وَقْتِ الرَّدِّ " فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ مَاتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَرُدَّهُ لِلْبَائِعِ؛ تَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (فِي تِلْكَ) أَيْ مَسْأَلَةِ الرِّدَّةِ. فَإِنْ قُلْت: الْمُرْتَدُّ لَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ بَلْ يَجُوزُ إغْرَاءُ الْكِلَابِ عَلَى جِيفَتِهِ فَكَيْفَ يَجِبُ تَجْهِيزُهُ؟ قُلْنَا: إذَا تَأَذَّى النَّاسُ بِرَائِحَتِهِ وَاحْتِيجَ إلَى مُوَارَاتِهِ فَالْمُؤْنَةُ عَلَى بَائِعِهِ لِتَبَيُّنِ أَنَّ الْبَيْعَ انْفَسَخَ قَبْلَ قَتْلِهِ وَمَاتَ عَلَى مِلْكِ بَائِعِهِ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَ إلَخْ) هَذَا الْمِثَالُ لَا يُنَاسِبُ الْأَمْرَ الثَّانِي، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُمَثِّلَهُ بِمَا إذَا شُرِطَ كَوْنُ الرَّقِيقِ الْمَبِيعِ كَاتِبًا أَوْ خَيَّاطًا أَوْ مُسْلِمًا أَوْ كَوْنُ الدَّابَّةِ حَامِلًا؛ فَبَانَ خِلَافُهُ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: (بِشَرْطِ بَرَاءَتِهِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ: بِعْتُك بِشَرْطِ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي بِالْمَبِيعِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ: إنَّ بِهِ جَمِيعَ الْعُيُوبِ، أَوْ لَا يُرَدُّ عَلَيَّ بِعَيْبٍ، أَوْ عَظْمٍ فِي قُفَّةٍ، أَوْ أُعْلِمُك أَنَّ بِهِ جَمِيعَ الْعُيُوبِ؛ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُؤَكِّدُ الْعَقْدَ وَيُوَافِقُ ظَاهِرَ الْحَالِ مِنْ السَّلَامَةِ مِنْ الْعُيُوبِ. اهـ. خَضِرٌ عَلَى التَّحْرِيرِ. فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ " بَرَاءَتِهِ " لِلْبَائِعِ، وَأَمَّا شَرْطُ بَرَاءَةِ الْمَبِيعِ بِأَنْ قَالَ: بِشَرْطِ أَنَّهُ سَلِيمٌ أَوْ لَا عَيْبَ فِيهِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ عَنْ الْعَيْبِ الْمَذْكُورِ كَمَا قَالَهُ ح ل وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا. وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي شَرْطِ الْبَرَاءَةِ بِأَنْ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ وَأَنْكَرَهُ الْمُشْتَرِي تَحَالَفَا؛ لِأَنَّ هَذَا اخْتِلَافٌ فِي صِفَةِ الْعَقْدِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّوْبَرِيُّ. قَوْلُهُ: (فَيَبْرَأُ عَنْ عَيْبٍ) ضَمَّنَ " بَرِئَ " مَعْنَى " بَعُدَ " فَعَدَّاهُ بِ " عَنْ " وَإِلَّا فَهُوَ يَتَعَدَّى بِ " مِنْ " أَوْ أَنَّ " عَنْ " بِمَعْنَى " مِنْ ".

قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) أَيْ عَلِمَهُ أَوْ جَهِلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>