الْمُشْتَرِي الْإِبْقَاءَ بِقَدْرِ مَا يَنْمُو وَيَسْلَمُ مِنْ التَّلَفِ وَالْفَسَادِ، وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ مُشْتَرِيهِ وَيَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ، فَلَوْ تَلِفَ بِتَرْكِ الْبَائِعِ السَّقْيَ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ أَوْ بَعْدَهَا انْفَسَخَ الْبَيْعُ أَوْ تَعَيَّبَ بِهِ تَخَيَّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ
وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا يَغْلِبُ تَلَاحُقُهُ وَاخْتِلَاطُ حَادِثِهِ بِمَوْجُودِهِ كَتِينٍ وَقِثَّاءٍ إلَّا بِشَرْطِ قَطْعِهِ عِنْدَ خَوْفِ الِاخْتِلَاطِ، فَإِنْ وَقَعَ اخْتِلَاطٌ فِيهِ أَوْ فِيمَا لَا يَغْلِبُ اخْتِلَاطُهُ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي إنْ لَمْ يَسْمَحْ لَهُ بِهِ الْبَائِعُ، فَإِنْ بَادَرَ الْبَائِعُ وَسَمَحَ سَقَطَ خِيَارُهُ. أَمَّا إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَاطُ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ فَلَا يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَلْ إنْ تَوَافَقَا عَلَى قَدْرٍ فَذَاكَ وَإِلَّا صُدِّقَ صَاحِبُ الْيَدِ بِيَمِينِهِ فِي قَدْرِ حَقِّ الْآخَرِ، وَالْيَدُ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ لِلْمُشْتَرِي.
(وَلَا) يَجُوزُ (بَيْعُ مَا فِيهِ الرِّبَا) مِنْ الْمَطْعُومِ (بِجِنْسِهِ رَطْبًا) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَلَوْ فِي الْجَانِبَيْنِ، كَالرَّطْبِ بِالرَّطْبِ وَالْحِصْرِمِ بِالْحِصْرِمِ، وَاللَّحْمِ بِاللَّحْمِ أَوْ فِي أَحَدِهِمَا كَالرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، وَاللَّحْمِ بِقَدِيدِهِ إلَّا اللَّبَنَ وَمَا شَابَهَهُ مِنْ الْمَائِعَاتِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ: أَنْ يَكُونَ قَدْ بَدَا صَلَاحُهُ، وَأَنْ يَسْتَحِقَّ الْمُشْتَرِي الْإِبْقَاءَ، وَأَنْ لَا يَتَعَذَّرَ السَّقْيُ.
قَوْلُهُ: (عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْمُشْتَرِي الْإِبْقَاءَ) أَيْ فِيمَا إذَا بَاعَ مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطِ الْإِبْقَاءِ، فَلَوْ بِيعَ بِشَرْطِ الْقَطْعِ لَمْ يَلْزَمْ الْبَائِعَ السَّقْيُ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ. اهـ. مَنْهَجٌ. أَمَّا قَبْلَ التَّخْلِيَةِ فَيَلْزَمُهُ. وَلَا يُقَالُ شَرْطُ الْقَطْعِ قَطْعُ الْعَلَقَةِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ مِنْ ضَمَانِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ سُلْطَانٌ. وَالْعَلَقَةُ هِيَ الْمُطَالَبَةُ بِمَا يَلْزَمُهُ، وَظَاهِرُ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا بَدَا صَلَاحُهُ وَغَيْرِهِ؛ لَكِنْ قَالَ سم: أَمَّا إذَا بَاعَهُ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَلَا سَقْيَ عَلَى الْبَائِعِ لِانْقِطَاعِ الْعَلَقَةِ بَيْنَهُمَا بِاشْتِرَاطِ الْقَلْعِ؛ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ. وَقَضِيَّتُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيّ أَنَّهُ لَا سَقْيَ عَلَيْهِ فِيمَا لَوْ بَاعَهُ مِنْ مَالِكِ الشَّجَرِ، أَيْ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَفِي الرَّوْضَةِ مَا يَدُلُّ لَهُ،. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ.
قَوْلُهُ: (بَعْدَ التَّخْلِيَةِ) تَنَازَعَ فِيهِ يَتَصَرَّفُ وَيَدْخُلُ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُؤَخَّرَ قَوْلُهُ: وَيَتَصَرَّفُ إلَخْ عَنْ قَوْلِهِ: فَلَوْ تَلِفَ إلَخْ. قَوْلُهُ: (أَوْ تَعَيَّبَ بِهِ) أَيْ بِتَرْكِ الْبَائِعِ السَّقْيَ. قَوْلُهُ: (تَخَيَّرَ) أَيْ فَوْرًا.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا يَغْلِبُ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ بَدَا صَلَاحُهُ.
قَوْلُهُ: (عِنْدَ خَوْفٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ، أَيْ وَيُكَلَّفُ قَطْعُهُ عِنْدَ خَوْفٍ إلَخْ؛ وَأَمَّا الشَّرْطُ فَفِي الْحَالِ.
قَوْلُهُ: (خُيِّرَ الْمُشْتَرِي) وَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ كَخِيَارِ الْعَيْبِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حَاكِمٍ لِصِدْقِ حَدِّ الْعَيْبِ السَّابِقِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ بِالِاخْتِلَاطِ صَارَ نَاقِصَ الْقِيمَةِ لِعَدَمِ الرَّغْبَةِ فِيهِ حِينَئِذٍ م ر.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ بَادَرَ إلَخْ) فَلَوْ وَقَعَ الْفَسْخُ وَالْمُسَامَحَةُ مَعًا هَلْ يَنْفَسِخُ كَمَا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا فَأَجَازَ أَحَدُهُمَا وَفَسَخَ الْآخَرُ حَيْثُ يُرَجَّحُ الْفَسْخُ أَوْ لَا نَظَرًا لِبَقَاءِ الْعَقْدِ؟ نُقِلَ عَنْ تَقْرِيرِ الزِّيَادِيِّ الثَّانِي، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ الْأَصْلُ تَقْرِيرُ الْعُقُودِ اهـ أج. وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر: وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا إذَا وَقَعَ الْفَسْخُ وَالْمُسَامَحَةُ مَعًا فَيَسْقُطُ خِيَارُهُ رِعَايَةً لِبَقَاءِ الْعَقْدِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا فِيهِ الرِّبَا إلَخْ) كَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرَهَا فِي بَابِ الرِّبَا عِنْدَ قَوْلِهِ: وَكَذَا الْمَطْعُومَاتُ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى شَرْطٍ فِي الْمُمَاثَلَةِ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ فِي بَيْعِ الْمَطْعُومِ بِمِثْلِهِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَيُعْتَبَرُ فِي الْمُمَاثَلَةِ أَنْ تَكُونَ حَالَ الْجَفَافِ إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الْمَتْنُ وَالشَّرْحُ. قَوْلُهُ: (رَطْبًا) حَالٌ مِنْ " مَا ".
قَوْلُهُ: (وَلَوْ فِي الْجَانِبَيْنِ) مَعَ قَوْلِهِ أَوْ فِي أَحَدِهِمَا، فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ قَبْلَ الْغَايَةِ شَيْءٌ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَوْ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُتَوَهَّمُ فِيهِ الْجَوَازُ.
قَوْلُهُ: (وَالْحِصْرِمِ) وَهُوَ حَبُّ الْعِنَبِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ فَهُوَ خَاصٌّ بِالْعِنَبِ وَأَمَّا حَبُّ الرُّطَبِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ فَيُسَمَّى بُسْرًا وَكَذَا قِيلَ لَكِنْ قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْحِصْرِمُ كَزِبْرِجٍ الثَّمَرُ قَبْلَ النُّضْجِ.
قَوْلُهُ: (إلَّا اللَّبَنَ وَمَا شَابَهَهُ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ " وَمَا شَابَهَهُ " إلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَا مَفْهُومَ لَهُ، أَوْ فِيهِ تَفْصِيلٌ أَوْ إشَارَةٌ إلَى كُلِّ مَا فِيهِ رُطُوبَةٌ م د. وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ: إلَّا اللَّبَنَ إلَخْ، فَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ إذَا كَانَ غَيْرَ مَغْلِيٍّ بِالنَّارِ وَغَيْرَ مَخْلُوطٍ بِالْمَاءِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ وَلَا فَرْقَ فِي اللَّبَنِ بَيْنَ الْحَلِيبِ وَغَيْرِهِ،