وَلَا يَصِحُّ فِي رُءُوسِ الْحَيَوَانِ لِأَنَّهَا تَجْمَعُ أَجْنَاسًا مَقْصُودَةً وَلَا تَنْضَبِطُ بِالْوَصْفِ. (وَلَمْ تَدْخُلْهُ النَّارُ لِإِحَالَتِهِ) أَيْ فَيَصِيرُ غَيْرَ مُنْضَبِطٍ. فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي خُبْزٍ وَمَطْبُوخٍ وَمَشْوِيٍّ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِ النَّارِ فِيهِ، وَتَعَذُّرُ الضَّبْطِ بِخِلَافِ مَا يَنْضَبِطُ تَأْثِيرُ نَارِهِ كَالْعَسَلِ الْمُصَفَّى بِهَا وَالسُّكَّرِ وَالْفَانِيدِ وَالدِّبْسِ وَاللِّبَأِ، فَيَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا كَمَا مَالَ إلَى تَرْجِيحِهِ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ كَمَا فِي الرِّبَا. وَفُرِّقَ بِضِيقِ بَابِ الرِّبَا، وَلَا يَصِحُّ فِي مُخْتَلِفٍ أَجْزَاؤُهُ كَقِدْرٍ وَكُوزٍ وَقُمْقُمٍ وَمَنَارَةٍ وَدِسْتٍ مَعْمُولَةٍ لِتَعَذُّرِ ضَبْطِهَا. وَخَرَجَ بِمَعْمُولَةٍ الْمَصْبُوبَةُ فِي قَالِبٍ فَيَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَطِرَاقٌ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَالدَّالُ وَالطَّاءُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ مَكْسُورَتَانِ أَوْ مَضْمُومَتَانِ فَيَكُونُ فِيهِ عَشْرُ لُغَاتٍ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ: التِّرْيَاقُ نَجِسٌ فَإِنَّهُ يُطْرَحُ فِيهِ لُحُومُ الْحَيَّاتِ وَابْنُ الْأَتَانِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ؛ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ عَلَى تِرْيَاقٍ طَاهِرٍ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّشِيدِيُّ عَلَى م ر، أَيْ بِأَنْ كَانَ مِنْ نَبَاتٍ قَوْلُهُ: (فِي رُءُوسِ الْحَيَوَانِ) وَكَذَا الْأَكَارِعُ وَإِنْ كَانَتْ نِيئَةً.
قَوْلُهُ: (تَجْمَعُ أَجْنَاسًا) مِنْ عَظْمٍ وَلَحْمٍ وَدُهْنٍ.
قَوْلُهُ: (وَلَمْ تَدْخُلْهُ النَّارُ إلَخْ) هَلَّا جَعَلَ هَذَا شَرْطًا، قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي خُبْزٍ) بِخِلَافِ الْإِقْرَاضِ، فَيَجُوزُ إقْرَاضُ الْخُبْزِ وَزْنًا لِعُمُومِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمُقَابِلُهُ مَا فِي الْكَافِي أَنَّهُ يَجُوزُ عَدَدًا، وَكَذَلِكَ خَمِيرَةُ الْعَجِينِ فَيَجُوزُ إقْرَاضُهَا لَا السَّلَمُ فِيهَا لِاخْتِلَافِهَا بِالْحُمُوضَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَدَابِغِيُّ. قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَالْأَوْجَهُ إلْحَاقُ النِّيدَةِ بِالْخُبْزِ اهـ. وَأَوَّلُ مَنْ صَنَعَهَا مَرْيَمُ - عَلَيْهَا السَّلَامُ - حِينَ قَلَّ لَبَنُهَا لِسَيِّدِنَا عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَقَالَ خِضْرٌ: الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْإِلْحَاقِ فَيَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا لِأَنَّ نَارَهَا مُنْضَبِطَةٌ، وَأَمَّا النِّيلَةُ فَإِنْ خَلَتْ عَنْ الطِّينِ جَازَ السَّلَمُ فِيهَا وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَلِكَ الْكِشْكُ لِاخْتِلَافِهِ بِالْحُمُوضَةِ وَحِنْطَةٌ مَخْلُوطَةٌ بِشَعِيرٍ إذَا كَثُرَتْ حَبَّاتُ الشَّعِيرِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ الْمُفَتَّقَةُ؛ فَهَذَا كُلُّهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِ أَجْزَائِهِ الْمَقْصُودَةِ، أَمَّا مَا اخْتَلَطَ بِمَا لَا يُقْصَدُ كَالْأَقِطِ وَالْجُبْنِ وَالسَّمَكِ الْمُمَلَّحِ وَخَلِّ نَحْوِ الزَّبِيبِ وَحَبَّاتِ شَعِيرٍ لَا تُقْصَدُ فِي بُرٍّ وَعَكْسُهُ فَيَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ، وَيَصِحُّ فِي قَصَبِ السُّكَّرِ وَفِي الْعَجْوَةِ غَيْرِ الْمَعْجُونَةِ بِنَوَاهَا.
قَوْلُهُ: (كَالْعَسَلِ) أَيْ عَسَلِ النَّحْلِ لِأَنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. وَقَوْلُهُ " الْمُصَفَّى بِهَا " أَيْ عَنْ شَمْعِهِ.
قَوْلُهُ: (وَالْفَانِيدِ) وَهُوَ عَسَلُ الْقَصَبِ الْمُتَّخَذِ مِنْ لَكَالِيك الْقَصَبِ أَيْ الزَّعَازِيعِ. قَوْلُهُ (وَالدِّبْسِ) وَهُوَ عَصِيرُ الْعِنَبِ بَعْدَ طَبْخِهِ وَقَوْلُهُ (وَاللِّبَأِ) بِالْهَمْزِ وَالْقَصْرِ أَوَّلُ مَا يُحْلَبُ بِرْمَاوِيٌّ قَالَ أَبُو زَيْدٍ وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ ثَلَاثُ حَلَبَاتٍ وَأَقَلُّهُ حَلْبَةٌ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الرِّبَا) لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ، وَقَالَ شَيْخُنَا الْمَدَابِغِيُّ: أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْعَسَلِ، وَإِلَّا فَقَدْ قَالَ فِيمَا سَبَقَ: وَلَا يَضُرُّ تَأْثِيرُ تَمْيِيزٍ كَعَسَلٍ وَسَمْنٍ.
قَوْلُهُ: (وَفُرِّقَ إلَخْ) هَذَا الْفَرْقُ مِنْ جِهَةِ الْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ.
قَوْلُهُ: (كَقِدْرٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ آنِيَةٌ يُطْبَخُ فِيهَا وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ وَلِهَذَا تَدْخُلُ الْهَاءُ فِي التَّصْغِيرِ فَيُقَالُ قُدَيْرَةٌ. اهـ. مِصْبَاحٌ قَوْلُهُ (وَكُوزٍ) عِبَارَةُ الْمُنَاوِيِّ عَلَى الشَّمَائِلِ لَا يُقَالُ لِلْإِنَاءِ كُوزٌ إلَّا إذَا كَانَتْ عُرْوَةٌ. اهـ. .
قَوْلُهُ: (وَمَنَارَةٍ) وَهِيَ مَا يُوضَعُ فَوْقَهَا السِّرَاجُ الْمُسَمَّاةُ بِالْمِسْرَجَةِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ النُّورِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْأَشْهَرُ فِي جَمْعِهَا مَنَاوِرٌ لَا مَنَائِرُ. اهـ. ز ي وَفِي الْمَدَابِغِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ مَنَارَةٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَجَمْعُهَا مَنَاوِرٌ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّهَا مِنْ النُّورِ وَيَجُوزُ مَنَائِرُ بِالْهَمْزِ تَشْبِيهًا لِلْأَصْلِيِّ بِالزَّائِدِ كَمَا هَمَزُوا مَصَائِبَ مَعَ أَنَّ أَصْلَهُ مَصَاوِبُ وَمَا نُقِلَ عَنْ سِيبَوَيْهِ أَنَّ ذَاكَ غَلَطٌ يَتَعَيَّنُ تَأْوِيلُهُ فَقَدْ قُرِئَ مَعَائِشُ بِالْهَمْزِ شَرْحُ عُبَابٍ خ ض وَقَوْلُهُ وَهُوَ الْقِيَاسُ فَإِنَّ حَرْفَ الْمَدِّ إذَا وَقَعَ ثَالِثًا فِي الْمُفْرَدِ وَكَانَ أَصْلِيًّا يُصَحَّحُ وَلَا يُبَدَّلُ هَمْزًا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ زَائِدًا فَإِنَّهُ يُبَدَّلُ هَمْزًا قَالَ ابْنُ مَالِكٍ
وَالْمَدُّ زِيدَ ثَالِثًا فِي الْوَاحِدِ ... هَمْزًا يُرَى فِي مِثْلِ كَالْقَلَائِدِ
وَمَنَارَةٌ أَصْلُهَا مُنَوَّرَةٌ بِوَزْنِ مُفَعَّلَةٌ نُقِلَتْ حَرَكَةُ الْوَاوِ إلَى النُّونِ ثُمَّ قِيلَ تَحَرَّكَتْ الْوَاوُ سَابِقًا وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا الْآنَ