الإسلام، ولعلّ الله قد خصّ بالزجر أمّة غير العرب، والأوّل أشهر.
والقيافة من القفو وهو تتبّع «١» الأثر والبحث عليه والتنقير. وأصل ذلك أنّ الأشكال انفصلت في الصور (فتشكّلت وخصّت)«٢» الأجناس، ثمّ خصّت الطبيعة في كلّ نوع من الجنس بفصل «٣» أبانته من أغياره وكالطول في أزد شنوءة. فكذلك أيضا خصّت آحاد الأشخاص المنفصلة في الهيئة عن أقفارها، فالقائف [يقارب بين]«٤» الهيئات فيحكم للأقرب صورة. وكان نظر القائف إلى القدم لأنها نهاية الشّكل وغاية الهيئة، والولد لو خالف أباه في سائر شكله لوافقه في القدم. وقد صدّق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محرزا المدلجي وقال بالقيافة أكثر فقهاء الأمصار «٥» ، وأنكر جماعة منهم الحكم بها وحجّج الأوّلين خبر الملاعنة لمّا أتت به على النعت المكروه وخبر بن وليد زمعه (؟) وغير ذلك. واحتجّ الآخرون بإلحاق النبي - صلى الله عليه وسلم - الصبي بأبيه الذي شكّ فيه لمّا ولد أسود حين قال: ولعلّ عرقا نزعه على ما سنورده.
٢١٠ والكهانة في اليمن خصوصا والقيافة والزجر في نزار ورثوها عن آبائهم على ما سنورده. ثمّ خصّت بنو أسد بالزجر وبنو مدلج بالقيافة، وقد قفت القافة بقريش أثر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر على الحجر الصلد والجبل الجرد وحيث لا تكنس الأقدام في رمل ولا تراب حتّى انتهوا إلى باب الغار، فحجبهم الله عزّ وجلّ عنهم بما كان من نسج العنكبوت وبما «٦» سفت عليه الرياح «٧» . وبلاد الجفار بين مصر والشّام بها «٨» أناس من العرب يتّخذونهم الولاة يقصّون آثار الناس فيخبرونهم بالآثار أيّ ناس هم ممّن طرق «٩» تلك البلاد، وهم إنّما عاينوا الآثار لا القدم، وهذا حسّ دقيق ومعنى لطيف.