٢١١ ولمّا حضرت نزار الوفاة قال لإياد: هذه الجارية- لجارية له شمطاء- وما أشبهها لك. ودعا أنمار وهو في مجلس له فأعطاه بدرة وقال: هذه البدرة والمجلس لك وما أشبههما لك. ودعا ربيعة فأعطاه خباء له أسود من شعر فقال: هذا وما أشبهه لك. وأعطى مضرا قبّة حمراء فقال له: هذه وما أشبهها لك. ثمّ قال: وإن أشكل عليكم شيء فاتوا الأفعى الجرهمي، وكان ملك نجران. فلمّا مات ركبوا رواحلهم يريدون الأفعى، فلمّا كانوا من نجران على يوم إذا «١» هم بأثر بعير. قال إياد: هذا أثر بعير أعور. قال أنمار: وإنّه لأبتر. قال ربيعة: وإنّه لأزور. قال مضر: وهو شرود لا يستقرّ. فلم يلبثوا أن رفع لهم راكب، فلمّا غشيهم قال لهم: هل رأيتم من بعير ضالّ؟
فوصفوه له. قال: إنّ هذه لصفته عينا، فأين بعيري؟ قالوا: ما رأيناه.
قال: أنتم أصحاب بعيري وما أخطأتم من نعته شيئا. فلمّا أناخوا بباب الأفعى واستأذنوا عليه فأذن لهم صاح الرجل بالباب فدعا به الأفعى فقال له: ما تقول؟ قال: أيّها الملك ذهب هؤلاء ببعيري. فسألهم الأفعى عن شأنه فأخبروه. فقال لإياد ما يدريك أنّه أعور؟ قال: قد رأيته قد لحس الكلأ من شقّ والشّقّ الآخر وافر، (فعلمت أنّه أعور)«٢» . وقال أنمار:
رأيته يرمي ببعره مجتمعا، ولو كان أهلب لمصع به، فعلمت أنه أبتر. وقال ربيعة: إحدى رجليه ثابتة والأخرى فاسدة، فعلمت أنّه أزور. قال مضر:
رأيته يرعى الشّقة من الأرض ثمّ يتعدّاها فيمرّ بالكلإ الفضّ فلا ينهش منه شيئا، فعلمت أنّه شرود. فقال الأفعى: صدقتم وليسوا بأصحابك، التمس بعيرك. ثمّ سألهم الأفعى عن نسبهم فأعلموه فرحّب بهم وحيّاهم، ثم قصّوا عليه قصّة أبيهم فقال: فكيف تحتاجون إليّ وأنتم على ما أرى؟ قالوا: ما أمرنا بذلك أبونا. فأمر خادم دار الضيافة «٣» أن يحسن إليهم ويكرمهم وأمر وصيفا له أن يلزمهم وينتقد كلامهم. فأتاهم القهرمان بشهد فأكلوا وقالوا: