٣٧٤ فلمّا استتمّت أموره دخل المراكب فعمد إلى قمار واتّصل بدار مملكة صاحبها، وله نهر يصبّ في البحر، فصيّر فيه رجاله فأتوه على حال غرّة وأحدقوا به، فاحتوى على مملكته وأمر مناديا أن ينادي بالأمان في الناس، وقعد على سرير المملكة وقد أخذ صاحب السّرير أسيرا. فأحضره وأحضر وزيره وقرّره على تمنّيته، فلم يجد جوابا. فقال له المهراج: أمّا إنّك لو تمنّيت [مع ما تمنّيته من إباحة أرضي وملكها لاستعملت ذلك فيك، لكنّك تمنّيت شيئا بعينه فأنا فاعله بك]«١» لتكون عظة لمن بعدك. وضرب عنقه وجعله في طست بين يديه وقال للوزير: جزيت من وزير خيرا، فانظر من يصلح للملك بعد هذا الجاهل فأقمه مقامه. وانصرف راجعا إلى بلاده من غير أن يمدّ هو أو أحد من أصحابه [يده] إلى شيء ممّا كان في بلاده وحمل الرأس معه. فلمّا قعد في مملكته وعلى سريره على غدير لبن الذهب وضع الرأس بين يديه في طست ودعا وجوه أهل مملكته وأخبرهم خبره. ثمّ أمر بالرأس فغسل وطيّب ووجّه به إلى الملك القائم بمدينة قمار وكتب إليه: إنّما حملنا على ما فعلنا بصاحبك بغيه علينا، وقد بلغنا منه ما أردنا ورأينا ردّ رأسه إليك إذ لا درك لنا في حبسه والسّلام. واتّصل الخبر بالملوك فعظم المهراج في أعينهم، وصارت بعد ذلك ملوك قمار تقوم بوجوهها كلّ صباح [نحو]«٢» بلاد الزّابج فتسجد تعظيما للمهراج.
قال س: وأعظم ملوك الهند الآن البلّهرى وأكثر ملوك الهند تتوجّه في صلاتها نحوه. وبين دار مملكة البلّهرى والبحر ثمانون فرسخا سندية- الفرسخ من ثمانية أميال.