للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرّافة، وخمدت نار فارس ولم تخمد قبل ذلك بألف عام وغاضت بحيرة ساوة «١» ، ورأى الموبذان- وهو القائم بأمر الدّين عندهم- إبلا صعابا تقود خيلا عرابا حتّى قطعت دجلة. فأفزع ذلك كسرى وقصّ عليه الموبذان ما رأى، فزاده ذلك ذعرا، فكتب أنو شروان إلى النّعمان بن المنذر، وهو ولّاه أمر العرب، أن يوجّه إليه رجلا من مشاهير العرب يسأله عمّا يريده. فبعث إليه عبد المسيح بن عمرو بن حيّان بن بقيلة «٢» الغسّاني. فلمّا قدم عليه أخبره بما رأى، فقال له: أيّها الملك لا علم لي بذلك، ولكن جهّز لي إلى خال لي بالشام يقال له سطيح. فقال: جهّزوه. فأتاه وقد أشفى [على الموت] «٣» ، فسلّم عليه وحيّاه، فلم يستطع سطيح جوابا، فقال له عبد المسيح [وافر] :

أصمّ أم يسمع غطريف اليمن ... يا فاضل الخطّة أعيت من ومن

أتاك شيخ الحيّ من آل يزن ... أبيض فضفاض الرّداء والبدن «٤»

رسول قيل العجم يسري للوسن «٥» ... لا يرهب الموت ولا صرف الزّمن

فلمّا سمع سطيح قوله رفع إليه رأسه فقال: عبد المسيح على جمل يسيح جاء إلى سطيح، وقد أشفى على الضريح، بعثك ملك بني ساسان، لارتجاج الإيوان، وخمود النيران، ورؤيا الموبذان، رأى إبلا صعابا، تقود خيلا عرابا، حتّى اقتحمت «٦» في الواد، وانتشرت في البلاد. عبد المسيح إذا ظهرت التلاوة، وبعث صاحب الهراوة، وغاض وادي السماوة، فليست الشام للسطيح شأما، وسيملك منهم ملوك وملكات، على عدد الشّرّافات، وكلّ ما هو آت آت. ثم قضى سطيح نحبه، وقدم عبد المسيح على كسرى فأخبره فقال: إلى أن يملك منّا أربعة عشر ملكا تكون.

<<  <  ج: ص:  >  >>