للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٥٠ ثمّ ملك بعد أنو شروان ابنه هرمز، وأمّه فاقم ابنة خاقان، وكان متحاملا على خواصّ النّاس مائلا إلى «١» عوامّهم، وقتل في مدينته مدّة ملكه من خواصّ فارس ثلاثة عشر ألفا مذكورين، وأزال أحكام الموبذان فخرم بذلك الشريعة وأزال الرسوم، فغزاه الملوك وطمعوا فيه، فغزاه عظيم من الترك في أربع مائة ألف، فنزل بلاد هراة من أرض خراسان. فندب لحربه بهرام جوبين ابن الريان، فظفر بهرام بالتركي واستباح عسكره واستولى على خزائنه وأمواله. فأعجب بذلك هرمز وعظم بهرام جوبين في عينه، فحسده وزيره وكان من الخزر، فجعل يعرّض بخيانته لهرمز واستبداده بأكثر الأموال وأغراه به، فعصاه بهرام وخلع يده عن طاعته، ثمّ احتال بدراهم ضرب عليها اسم أبرويز بن هرمز ودسّ أناسا من التجّار وأنفقوها، فعلم بها هرمز فلم يشكّ أنّ ابنه ضربها طلبا للملك فهمّ به. فهرب أبرويز من أبيه لتغيّره عليه ولحق ببلاد آذربيجان وأرمينية والرّان والبيلقان. فحبس هرمز خالي ابنه بسطام وبندويه «٢» ، فأعملا الحيلة وخرجا من حبسهما وانضاف إليهما بشر، فدخلا على هرمز وسملا عينيه. فلمّا نمى ذلك إلى أبرويز رجع إلى أبيه وأعلمه أنّه لا ذنب له فيما اتّهمه به وأنّه هرب خوفا، فصدّقه أبوه، وعقد له التاج وسلّم الملك إليه. ثمّ خرج أبرويز إلى بهرام جوبين، وقد مال مع بهرام جموع الناس، وقدم وتحته فرسه المعروف بشبداز «٣» ، وهو المصوّر في الجبل ببلاد قرماسين من أعمال الدّينور من ماه الكوفة، وعليه أبرويز وغير ذلك من الصّور «٤» ، وهذا الموضع أحد عجائب العالم لغرائب ما فيه من الصور.

والعرب تذكر هذا الفرس في أشعارها. وكان أبرويز ركبه يوما وانقطع عنانه، فأراد ضرب عنق صاحب سروجه ولجمه، لمّا لم يتعاهد عنانه قال:

أيّها الملك ما بقي شيء يجتذبه ملك الإنس وملك الخيل، فخلّى سبيله.

<<  <  ج: ص:  >  >>