وانقاد له. ثمّ نقض وكتم [عن] الرشيد ذلك لعلّة كانت به. فلمّا استقلّ دخل شاعر عليه فقال [كامل] :
نقض الّذي أعطاكه نقفور «١» ... وعليه دائرة البوار تدور
أبشر أمير المؤمنين فإنّه ... فتح أتاك به الإله كبير
فلقد تباشرت الرّعيّة إذ أتى ... بالغدر عنه وافد وبشير
فقال الرشيد: أوقد فعل «٢» . فغزاه واستفتح في غزوته تلك هرقلة، وفي ذلك يقول أبو العتاهية [وافر] :
ألا نادت هرقلة بالخراب ... من الملك الموفّق للصّواب
أمير المؤمنين ظفرت فاسلم ... وابشر بالغنيمة والإياب
وانقاد نقفور «٣» بعد ذلك، وكان استفتاح الرشيد لهرقلة سنة تسعين ومائة بعد حصار وقصّة طويلة.
٥١٠ قال أبو العبّاس: أخبرني شبل الترجمان قال: كنت مع الرشيد حين نزل على هرقلة، فلمّا افتتحها رأيت حجرا منصوبا مكتوبا عليه باليونانية، فجعلت أترجمه وأمير المؤمنين ينظر إليّ وأنا لا أعلم، فإذا تأريخه زائد على ألفي سنة من ذلك اليوم وهو: باسم الله الرحمن الرحيم، يا ابن آدم غافص الفرصة عند إمكانها، وكل الأمور إلى وليّها، ولا يحملك إفراط السرور على المأثم ولا تحمل على نفسك همّ يوم لم يأت، فإنّه إن يك من أجلك يأتي الله فيه برزقك، ولا تكن مغرورا بجمع المال، فكم قد رأينا جامعا لبعل خليلته ومقتّرا على نفسه توفيرا لغيره. وكانت للرشيد بعد هذا مع نقفور أخبار كثيرة.