في بلادهم صغيرة الخلق قصيرة القوام، والنمر عندهم عظيمة الخلق بخلاف ما عهد منهم. وهم يتكاتبون في ورق الموز. وقيل إنّ في بلادهم نهر يسمّى نوبة وبه سمّوا. وقال الأكثرون إنّهم من ولد نوب بن قوطي بن مصر «١» بن نيصر بن حام. وجميع من سكن على النيل محارب للمسلمين إلّا القبط والنوبة.
٥٢٥ وقال يزيد بن أبي حبيب إنّ النوبة ليس بينهم وبين المسلمين عهد ولا ميثاق، وإنّما هو أمان لبعضهم من بعض على أن يؤدّوا كذا وكذا رأسا، وذكر بعض المصريّين أنّه قرأ في بعض الدّواوين بالفسطاط قبل أن تحرق عهودهم على ما يؤدّونه الآن.
٥٢٦ وبدء اتّصال مملكتهم بأرض أسوان موضع يعرف بمريس، ولمّا افتتحت مصر أمر عمر أن تغزى النوبة، فوجدهم المسلمون يرمون الحدق، فذهبوا إلى المصالحة فأبى عمرو بن العاص من مصالحتهم حتّى صرف عن مصر ووليها عبد الله بن أبي سرح سنة إحدى وثلاثين، فقاتلوه «٢» قتالا شديدا فأصيبت عين معاوية بن حديج وعين أبي شمر بن أبرهة وأعين جماعة من المسلمين، فحينئذ سمّوا رماة الحدق. وقال الشاعر:[رجز] :
لم تر عيني مثل يوم دنقلة ... والخيل تعدو بالدّروع مثقلة
ومنهم تعلّم الرمي أهل الحجاز واليمن، فصالحهم عبد الله بن أبي سرح على رؤوس من السبي معلومة ممّا يسبيه هذا الملك المجاور للمسلمين من غيرها