للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كنّا إذا رامنا قوم بمظلمة ... شدّت لنا الكاهنان الخيل واعتزموا

نسوا الرّهون وأنسونا بأنفسهم ... بنو الصّريخ فقد عفوا وقد كرموا

٧٠٠ فلمّا قطعت اليهود حلف الأوس والخزرج بقوا معهم «١» حتّى لجم فيهم مالك بن العجلان أخو بني سالم بن عوف بن الخزرج وسوّده الحيّان، فبعث إلى من بالشّام من قومه يخبرهم باستذلال اليهود لهم وغلبتهم عليهم، وكان رسوله «٢» إليهم الرفق بن زيد بن إمرئ القيس أحد بني سالم بن عوف، وكان قبيحا ذميما شاعرا بليغا، فقال في خروجه إلى الشام [بسيط] :

أقسمت أطعم للمروق قطرة ... حتّى يكثر للنجاء رحيل

حتّى ألاقي معشرا مالي لهم ... حلّ ومالهم لنا مبذول

أرض (بها تدعى) «٣» قبائل سالم ... ويجيب فيها ملك وبسلول

قوم أولو عزّ وعزّي «٤» عزّهم ... إنّ الغريب وإن أجير ذلول

ومضى الرفق حتّى قدم الشام على ملك من ملوك غسّان يقال له أبو جبيلة أحد بني جشم بن الخزرج الّذين ساروا من يثرب إلى الشام، (وقيل إنّه من ولد جفنة بن عمرو بن عامر، وكان قد أصاب ملكا بالشام وشرفا، فشكا إليه الرفق حالهم وغلبة اليهود لهم) «٥» . فعجب من شعره وبلاغته مع قبحه وذمامته فقال: عسل طيّب في وعاء خبيث. فقال الرفق: أيّها الملك إنّما المرء بأصغريه: قلبه ولسانه. (قال: صدقت) «٦» . فلم يرج أبو جبيلة نصرهم وخرج في جمع كثير لا يعرج على شيء وأظهر أنّه يريد اليمن، وعاهد الله (عزّ وجلّ) «٧» لا يرجع إلى دياره أو يخرج من يثرب يهود ويذلّلهم للأوس والخزرج.

<<  <  ج: ص:  >  >>