٨٤٧ وذكر أنّ مصر مصوّرة في كتب الأوائل وسائر المدن مادّة أيديها إليها تستطعمها. وقال عمرو بن العاص: ولاية مصر تعدل الخلافة، وجعلها الله متوسّطة للدنيا، فهي من الإقليم الثالث والرابع، سالمة «١» من حرّ الإقليم الأوّل والثاني ومن برد الإقليم السادس والسابع، فطاب هواؤها وضعف حرّها وخفّ بردها، فسلم أهلها من مشاتي الجبال ومصائف عمان وحرّ تهامة ودماميل الجزيرة وجرب اليمن وطواعين الشام وطحال البحرين وحمّى خيبر، وآمنوا من غارات الترك والعرب والديلم وآمنوا قحط الأمطار. ففي «٢» كورها طرائف وعجائب، فصعيدها (أرض حجازية)«٣» تنبت النخل والآراك والقطر «٤» والعشر، وأسفل أرضها شامي ينبت ثمار الشام من الكرم والتين واللوز والجوز وسائر الفواكه «٥» من البقول والرياحين، ويقع بها الثلج.
٨٤٨ وأمر الرشيد فصوّرت له مدائن الدنيا، فما استحسن منها غير عمل أسيوط، فإنّ مساحته ثلاثون ألف فدّان في دست واحد، لو قطرت فيه قطرة فاضت على جميع جوانبه يبذر فيه جميع الحبوب. فلا يكون على الأرض بساط أعجب منه، من جانبه الغربي جبل أبيض على صورة الطيلسان، ويحيط به من جانبه الشرقي النيل كأنّه جدول فضّة، لا يسمع فيه الكلام من شدّة أصناف أصوات «٦» الطير. وممّا ذمّت «٧» به مصر سوى ما ذكره «٨» الجاحظ أنّ أهل مصر أعقل الناس صغارا وأحمقهم كبارا. وكان أبو دلامة دخل مصر، فلمّا رجع إلى العراق لقيه الحسن «٩» بن هاني فسأله عن صفة