للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨٤٦ وكتب عمر «١» إلى عمرو بن العاص: إنّ أرضك واسعة «٢» رفيعة، وقد أعطى الله أهلها جلدا وقوّة في «٣» برّ وبحر وعالجتها الفراعنة وعملوا فيها عملا محكما مع شدّة عتوّهم «٤» ، فاكتب إليّ بصفة أرض «٥» مصر حتّى كأنّي أنظر إليها، والسّلام «٦» . فكتب إليه: إنّ أرض مصر تربة سوداء وشجرة خضراء بين (جبل أغبر) «٧» ورمل أعفر، وخطّها مسيرة راكب شهرا، كأنّما بين جبلها ورملها بطن أقبّ أو ظهر أخبّ، فيها نهر مبارك يسيل بالذهب على الزيادة والنقصان كمجاري الشمس والقمر تمدّه عيون الأرض وينابيعها مأمورة بذلك، حتّى إذا طفحت «٨» لججه واعلولى عبابه كانت القرى ممّا أحاط بها منه لا يوصل من بعضها إلى بعض إلّا في السفائن «٩» والمراكب، ثمّ لا يلبث إلا قليلا حتّى تنقص جريته وتستبين متون أرضه، ثمّ تنتشر فيها «١٠» أمّة محصورة قد رزقوا على أرضهم جلدا وقوّة، فأثاروا سهل الأرض «١١» وروابيها «١٢» ، وبذروا فيها من الحبّ ما يرجون به التمام من الشرب حتّى تبدو طوالعه وتظهر قنواته يسقيه «١٣» من تحته الثرى ومن فوقه الندا، فينتفي ذبابها وتدرّ حلابها، فبينا هي مدرة «١٤» سوداء إذا هي لجّة زرقاء ثمّ غوطة خضراء ثمّ ديباجة رقشاء ثمّ فضّة بيضاء، فتبارك الله الفعّال لما يشاء «١٥» ، فالحمد لله يا أمير المؤمنين على ما أنعم به عليك منها «١٦» والسّلام «١٧» .

<<  <  ج: ص:  >  >>