٨٩٦ ولمّا فرغ المأمون من حرب أهل التيماء وأقام بمصر أراد هدم الأهرام، فعرّفه بعض شيوخ المصريّين أنّ ذلك غير ممكن «١» ولا يجمل «٢» بمثله أن يطلب شيئا لا يبلغه. فقال: لا بدّ لي أن أعلم علم ما فيها. ثمّ أمر (أن يفتح)«٣» من الجانب الشمالي لقلّة دوام الشمس على من يتولّى ذلك. فكانوا يوقدون النار عند الحجر، فإذا حمّى رشّ عليه «٤» خلّ ورمي بالمنجنيق «٥» حتّى فتحت الثلمة الّتي يدخل منها إلى الهرم اليوم، فوجد بنيانه على ما ذكرنا «٦» من الحديد والرصاص، ووجد عرض الحائط عشرين ذراعا.
٨٩٧ فلمّا وصلوا إلى آخر الفتح «٧» وجدوا خلفه مطهرة من حجر أخضر فيها مال على حول الدنانير العراض، وزن «٨» كلّ مثقال منها «٩» سبعة وعشرون مثقالا وثلثا مثقال بمثقالنا «١٠» . فقال: زنوه. فوزنوا الجملة فوجدوا فيها مالا عظيما «١١» معلوما. وكان المأمون (رحمه الله)«١٢» فطنا فقال: ارفعوا «١٣» إليّ ما أنفقتم على فتحه. ففعلوا «١٤» فوجدوه موازنا لما وجدوا من المال فتعجّب «١٥» من ذلك ومن معرفتهم بالموضع الّذي يفتح «١٦» منه على طول الزمان، وازداد «١٧» يقينا في علم النجوم. فركب حتّى دخله «١٨» ونظر إلى البيت فوجد «١٩» فيه صنما أخضر مادّا يده وهو قائم، ونظر إلى الزلاقة والبئر، فأمر بنزولهما، فنزلوا من واحدة إلى واحدة حتّى أفضوا إلى صنم أحمر وعيناه مجزعتان سوادا في بياض كأنّهما حدقتا إنسان، فهالهم أمره وقدّروا أنّ.