للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دينهم. وكان سبب رجوعه الى عبادة الأصنام أن أمه كانت من بنات كبير من الكهان نقلته بعد موت أبيه الى دينها، وكان ليّنا سهل الخلق مجيبا. وكان ملك من ملوك الهند يقال له مسور «١» خرج على عهد حريبا، فعمل حريبا مائة سفينة (على سفن الهند) «٢» وتجهّز «٣» . وحمل امرأته معه، وكانت من بنات عمّه قد غلبت عليه وهام بها يسجر قهرمانة كانت له «٤» ، وكانت تسمى أسيوط، ساحرة لا تطاق، (وكانت أوحشت ما بين الملك وأمه لتستبدّ امرأته به، فآلى في غزوته أن ينصرف في البلاد ولا يرجع إلى مصر أو تموت أمه) «٥» . ففعل ذلك، وغزا بلاد الهند، واستخلف على مصر ابنه كلكلن «٦» وجعل معه وزيرا من الكهان يقال له ويسموس «٧» ، فخرج ومرّ على ساحل اليمن «٨» وعاث في سواحله وبلغ سرنديب، فأوقع بأهلها وغنم منها أموالا عظيمة، وحمل معه حكيما لهم، وكان لا يأخذ مدينة إلا أقام بها صنما وزبر عليه اسمه ومسيره ووقت أخذه لذلك الموضع.

٩٦١ وجعل ينتقل في تلك الجزائر عدّة سنين، ويقال إنه أقام في سفره سبع عشرة سنة ورجع الى مصر غانما «٩» موفورا بعد ان هلكت أمه. وهابته الملوك، وبنى عدة هياكل وأقام بها اصناما (للكواكب لأنها هي التي أيدته في سفره بزعمه. وأظهر الحكيم الذي حمل من الهند بمصر) «١٠» عجائب مشهورة، وحمل معه صنمين (من أصنام الهند) «١١» من الذهب مرصعين بالجوهر ونصبهما في بعض الهياكل، وكان حكيم الهند يقوم بهما ويخدمهما ويقرب لهما على رسمه «١٢» ، وكان يخبرهم بما يريدونه منهما. وغزا حريبا الشام، فأدّى اليه أهلها الطاعة، وأخاف النوبة والسودان فصالحوه على خراج يحملونه اليه. وأقام في ملكه خمسا وسبعين سنة وعمل لنفسه في صحراء الغرب «١٣» ناووسا على نحو ما تقدم ذكره من نواويس آبائه.

<<  <  ج: ص:  >  >>