٩٦٢ وملك بعده ابنه كلكلن «١» فعقد تاج الملك على رأسه بالأسكندرية بعد موت أبيه وأقام بها شهرا ورجع الى منف. وكان يحب الحكمة وإظهار العجائب وتقرّب أهلها، ولم يزل يعمل الكيمياء طول ملكه، فخزن أموالا عظيمة واستغنى أهل ذلك الزمان عن معادن الذهب، (فلم يثيروها)«٢» ولم يكن الذهب قطّ أكثر منه في وقته. وكان يطرح المثقال الواحد على القناطير الكثيرة فيصبغها. وتحكي القبط عنه أنه اخترع أشياء تخرج عن العقل حتى كانوا يسمونه حكيم الملوك، وغلب على جميع الكهنة في علومهم حتى كان يخبرهم بما يغيب عنهم، فخافوه واحتاجوا الى علمه.
٩٦٣ وفي وقته كان نمرود إبراهيم عليه السلام. وكان جبارا مشوّه الخلق يسكن سراة العراق، وكان قد أوتي قوة وبطشا فغلب على أكثر الأرض، فاستزار النمرود كلكلن فوجه اليه كلكلن أن يلقاه منفردا عن أهله وحشمه بموضع كذا، فسار النمرود الى الموضع «٣» الذي ذكره، فأقبل كلكلن تحمله أربعة أفراس ذوات أجنحة، وقد أحاط به (نور كالنار)«٤» وصور مهيبة قد خيل بها، وهو متوشح تنّينا عظيما والتنّين فاغرفاه، ومعه قضيب آس، فكلما رفع التنّين رأسه ضربه بالقضيب. فلما رآه النمرود هاله أمره واعترف له بجليل حكمته وسأله أن يكون له ظهيرا.