٩٩٦ ثم حاصر المسلمون باب اليون وبه أكابر الروم والقبط ورؤساؤهم وعليهم المقوقس، فقاتلوهم بها شهرا. فخاف المقوقس على نفسه (ومن معه)«١» فتنحّى المقوقس وجماعة من أكابر القبط وخرجوا على الباب القبلي وترك هناك جماعة يقاتلون فصار بالجزيرة- موضع دار الصناعة اليوم- وأمر بقطع الجسر، وذلك في مجرى النيل. فأرسل المقوقس الى عمرو «٢» : إنكم قد دخلتم في بلادنا «٣» وطال مقامكم بأرضنا «٤» وإنّما أنتم عصبة يسيرة وقد أظلتكم الروم، جهزوا إليكم الجيوش، وقد أحاط بكم هذا النيل وإنما أنتم أسارى في أيدينا، فابعثوا إلينا رجالا منكم نسمع من كلامهم، فعسى أن يأتي الأمر فيما بيننا وبينكم على ما تحبون «٥» ونحب، وينقطع عنا وعنكم «٦» هذا القتال قبل أن تغشاكم جموع الروم فتندموا.
٩٩٧ فردّ عمرو مع رسله أنه ليس بيننا وبينكم إلا احدى ثلاث خصال: إمّا دخلتم في الإسلام وكنتم إخواننا وكان لكم ما لنا، وإن أبيتم أعطيتم الجزية عن يد، وهم صاغرون «٧» ، وإما جاهدناكم بالصبر والقتال: حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين «٨» . فلما جاءت رسل المقوقس اليه قال: كيف رأيتموهم؟
قالوا: رأينا قوما الموت أحب الى أحدهم «٩» من الحياة والتواضع أحب الى أحدهم «١٠» من الرفعة، ليس لأحدهم في الدنيا رغبة، إنما جلوسهم على التراب وأكلهم على الركب وأميرهم كواحد منهم، يغسلون أطرافهم بالماء واذا حضرت الصلاة لا يتخلف عنها أحد منهم، يتخشعون في صلاتهم. فقال