المقوقس: والذي يحلف به، لو أن هؤلاء استقبلوا الجبال لزلزلوها، وما يقوى على قتال «١» هؤلاء أحد وإن لم يغتنم صلح هؤلاء القوم وهم محصورون بهذا النيل لم يجيبونا بعد اليوم إذا أمكنتهم الارض. [وكان ذلك وقت خروج النيل وفيضه]«٢» والمسلمون قد أحدق بهم الماء من كل جهة ولا يقدرون على النفوذ الى الصعيد ولا غيره من القرى.
٩٩٨ وبعث عمرو إليهم عشرة نفر أحدهم عبادة بن الصامت وأمره أن (يكون متكلم)«٣» القوم وأن لا يجيبهم الى شيء إلا الى احدى هذه الثلاث خصال.
فركبوا السفن الى المقوقس فدخلوا عليه، فتقدم عبادة بن الصامت فهابه المقوقس لسواده وقال: نحّوا عني هذا الأسود وقدّموا غيره. فقالوا جميعا:
إن هذا الأسود سيدنا وأفضلنا رأيا وعلما «٤» . فكلمه عبادة فازداد المقوقس له هيبة وقال لأصحابه: لقد هبت (منظره وإن قوله عندي لأهيب)«٥» ، وإن هذا وأصحابه إنما أخرجهم الله لخراب الأرض وما أظن ملكهم إلا سيغلب على الأرض كلها. (فقال له المقوقس)«٦» : يعطى كل رجل منكم دينارين دينارين فأميركم مائة دينار وخليفتكم «٧» ألف دينار. فلم يجبه عبادة إلّا على احدى الثلاث خصال. فقال المقوقس لأصحابه: ما ترون؟ فقالوا: أما ما أرادوا من دخولنا في دينهم فهذا ما لا يكون «٨» . نترك دين المسيح الى دين لا نعرفه، وأما ما أرادوا أن يجعلونا عبيدا أبدا فالموت أيسر «٩» من ذلك. ولو رضوا منا ان نضعف لهم ما أعطيناهم كان «١٠» أهون علينا.