للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البلاد، أردت أن أبني هاهنا كإرم وأنقل إليها كلّ ذي قدم من جميع العشائر والأمم، وذلك أن لا خوف ولا هرم ولا اهتمام ولا سقم، فأصابني ما «١» أعجلني وعمّا ذهبت إليه قطعني، حال طال مع وقوعها همّي وشجني، وقلّ أعجلني وعمّا ذهبت إليه قطعني، حال طال مع وقوعها همّي وشجني، وقلّ نومي ووسني، فارتحلت عن هذه الدار لا لقهر جبّار ولا خوف جيش جرّار، ولكن لتمام المقدار وانقطاع الآثار وسلطان العزيز الجبّار. فمن رأى أثري وعرف خبري وطول عمري ونفاذ «٢» بصري (وشدّة حذري) «٣» فلا يغترّ بالدنيا بعدي. وقال ابن لهيعة: بلغني أنّه وجد حجر «٤» بالإسكندرية مكتوب فيه «٥» : أنا شدّاد بن عاد وأنا الّذي نصب العماد (وجيّد الأجياد) «٦» وسدّ بذراعه الواد، بنيتهنّ «٧» إذ لا موت ولا ميت، وإذا الحجارة في اللّين مثل «٨» الطين. ثمّ قال ابن لهيعة: الأجياد المعادن «٩» .

١٠٥٠ فبعث الإسكندر إلى البلاد فحشر «١٠» الصّنّاع واختطّ الأساس وجعل طولها وعرضها أميالا واستجلب العمد والرخام وأنواع المرمر والأحجار في البحر من جزيرة صقلّية وبلاد إفريقية وإقريطش، ووضع على كلّ قطعة من الأرض خشبة قائمة ووصل بها حبالا منوطة بعضها ببعض يرجع جميعها إلى عمود رخام كان أمام مضربه، وعلّق «١١» على العمود جرسا عظيما مصوتا وعلّق على كلّ قطعة من الحبال جرسا «١٢» صغيرا، فإذا حرّك حبل الجرس الكبير الّذي عند العمود خفق الجرس وتحرّكت سائر الحبال وخفقت الأجراس «١٣» بحركات فلسفية وحيل حكمية. وأمر الصّنّاع أن يضعوا أساس المدينة دفعة واحدة إذا أذنتهم تلك الأجراس.

<<  <  ج: ص:  >  >>