للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠٥١ فأخذت الإسكندر نعسة في حال ارتقابه للوقت «١» المحمود الطالع «٢» ، فوقع غراب على حبل الجرس الكبير فحرّكه فتحرّكت الأجراس، فوضع الأساس (وارتفع الضجيج) «٣» بالتحميد والتقديس، فاستيقظ الإسكندر من رقدته وسأل عن الخبر، فأعلم (بصحّة ذلك) «٤» ، فعجب (من ذلك) «٥» وقال: أردت أمرا وأراد الله غيره «٦» ويأبى الله إلّا ما يريد، أردت طول بقائها وأراد الله سرعة فنائها. فلمّا شيّدت أمر أن يكتب على بابها: هذه الإسكندرية، أردت أن أبنيها على الفلاح والنّجاح واليمن والسّرور والثبات على الدهور، فلم يرد الله تعالى ذلك «٧» ، فبنيتها على ما أراد وأحكمت بنيانها «٨» وشيّدت سورها، وآتاني الله من كلّ شيء علما وحكما «٩» وسهّل عليّ وجوه الأسباب فلم يتعذّر «١٠» عليّ في العالم شيء ممّا أردتّه صنعا من الله تعالى لي وصلاحا لعباده من أهل عصري «١١» ، والحمد لله ربّ العالمين. ورسم (بعد هذا) «١٢» كلّ ما يحدث فيها بعده «١٣» في مستقبل الأزمان من الخراب والعمران.

١٠٥٢ وبنى سورها آزاجا وطبقات قد عمل لها «١٤» مخاريق ومتنفّسات للضياء يسير فيه «١٥» الفارس بفرسه «١٦» وبيده رمح لا يضيق به حتّى يدور جميع تلك الآزاج. وكذلك أسواقها وشوارعها وسككها مقنطرة كلّها لا يصيب أهلها شيء من المطر. وكانت الإسكندرية تضيء في الليل بغير مصباح لشدّة بياض

<<  <  ج: ص:  >  >>