فدخل مقابر الإسكندرية واحتفر «١» في قبورها فاستخرج جمجمة عظيمة فوضعها في العجلة، فما جرّها الثوران إلّا بعد جهد، فجاءه بها فقال:
أصلح الله الأمير، إن أعطيتني من تكون رؤوسهم مثل هذا الرأس بنيت لك مثل هذا القصر. فعلم أنّه لا حيلة له فيه. وقال حمزة بن محمّد المصري «٢» :
رأيت بالإسكندرية عند قصّاب ضرس إنسان يزن به اللحم زنته ثمانية أرطال.
١٠٦٩ والإسكندرية كلّها دفائن وكنوز، فإذا أمطرت مطرا شديدا وسال ترابها مع الماء خرج الرجال والنساء والصبيان من المدينة يلتمسون حواليها فيجدون قطع الذهب والفضّة من الحلى وغيره والدرّ «٣» والياقوت والزمرّد، وليس يرجع أحد منهم بغير شيء.
١٠٧٠ وإذا زاد النيل في أيّام زيادته دخل في الخليج الّذي صنع لذلك حتّى يصل إلى الإسكندرية، فإذا وصل إلى أعلى المدينة، ولهم هناك آبار مصنوعة ومواجل «٤» ، فيسقون منها بالسواني من ماء النيل ويصبّون فيها فيجري الماء منها في قنى قد أحكمت إلى آبار (في دور المدينة من عمل الأوّل، وذلك أكثر من ثلاثة أميال، وليس بمدينة الإسكندرية دار إلّا فيها بئر وماجل «٥» فإذا وصل الماء إلى الآبار)«٦» استسقى أهل الآبار وصبّوا في المواجل فيشربون منه «٧» باقي عامهم.