١٠٧١ وكان بالإسكندرية دار ملعب قد بنيت بضرب «١» من الحكمة لا يرى أحد فيها شيئا دون صاحبه ووجه كلّ جالس «٢» فيها تلقاء وجه صاحبه، إن عمل أحد منهم شيئا أو تكلّم أو نفث «٣» سمعه «٤» ونظر إليه جميعهم سماعا ونظرا متساويا قريبهم وبعيدهم. وكانوا يترامون فيها بالكرة، فإذا وقعت في كمّ (أحد منهم)«٥» فلا بدّ له من ولاية مصر، كان هذا عندهم معروفا لا يشكّون فيه. وإنّ عمرو بن العاص سافر إلى الإسكندرية قبل الإسلام تاجرا بالقطن والأدم، فحضر ذلك الملعب فلعبوا بالكرة فدخلت كمّه ثلاث مرّات فقالوا: كذّبتنا هذه الكرة «٦» هذه المرّة. فأتى الله عزّ وجلّ بالإسلام وفتحت مصر ووليها عمرو ثلاث مرّات.
١٠٧٢ وقال عبد الرحمان بن عبد الله بن عبد الحكم: لمّا غزا عمرو بن العاص الإسكندرية من مصر فلم يقدر عليها، وذلك بعد تسعة أشهر من موت هرقل، غمّة ذلك فاستلقى على ظهره مطرقا، ثمّ جلس فقال: إنّي فكّرت في هذا الأمر، فإذا هو لا يصلح آخره إلّا ما أصلح «٧» أوّله، يريد الأنصار. فدعا عبادة بن الصامت فعقد له على حربها، ففتحها الله على يديه وفتحت يوم الجمعة مستهلّ المحرّم سنة عشرين عنوة بغير عهد ولا عقد، ولم يكن (بصلح ولا بأمن)«٨» . ولم يكن بالإسكندرية خطط، إنّما كانت أخايذ، من أخذ منزلا نزل فيه هو وبنو أبيه. ونزل عمرو بن العاص القصر الّذي صار لعبد الله بن أبي سرح «٩» ، ويقال إنّ عمرا وهبه له لمّا وليها.