للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهزمهم أنيبل وقتلهم في عدّة مواطن حتّى بعث إلى إفريقية بثلاثة أمداء من خواتم الذهب الّتي كانت في أيدي أشراف من قتل منهم وملوكهم، فكتب إليهم: هذا عدد من قتلته من الأشراف والقوّاد فضلا عن غيرهم. فأقام في بلاد إيطالية محاربا لمدينة رومة ومضيقا على نواحيها «١» نحوا من ستّ عشرة سنة. فركب قائد من قوّادهم يقال له شبيون المراكب خفية حتّى أتى صقلّية، فحشر من اجتمع له بها، ثمّ مضى إلى بلد إفريقية وترك أنيبل محاصرا لبلد رومة «٢» ، فنصر على الإفريقيّين وعمّ بلد إفريقية قتلا وسبيا واحتراقا، وبقي محاصرا لقرطاجنة فبعث أهلها إلى أميرهم أنيبل يعلمونه بما دهمهم «٣» من أهل رومة ويسألونه الإسراع لغياثهم. فعجب عند ذلك أنيبل وقال: إنّي كنت أرى «٤» أنّ التزامي «٥» محاصرة هذه المدينة يقطع اسم الرومانيّين من الدنيا، فأظنّ أنّ إله السماء لا يأذن بذلك. ثمّ ركب المراكب وأسرع الرجوع إلى إفريقية، فزحف إليه شبيون قائد الرومانيّين فهزمه في كلّ مشهد.

١١٧٨ فجعل أنيبل يخاطبه ويقول: أين كنتم معشر الرومانيّين من هذه النجدة إذ كنّا نقاتلكم ونهزمكم في أفنيتكم؟ فقال له شبيون: إذ كنتم في بلدنا قد بعد عنكم بلدكم وحصونكم ونحن في حصوننا وبلدنا كنّا أشدّ منكم خورا وكنتم أشدّ منّا استثباتا «٦» ، فلمّا صرنا في بلدكم انتقل الأمر وتبدّل الحكم. فغلب عند ذلك أهل رومة على أهل إفريقية وهدموا مدينة قرطاجنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>