إليها، ولها أبواب (غير هذا)«١» . وفي داخل الحصن عين أخرى عذبة غزيرة الماء، وحصنها أوّلي مبني بالصخر الجليل أتقن بناء، ويقال إنّه من عهد عيسى عليه السلام. ولها ربض كبير في شرقي الحصن، وسور الحصن ممّا يلي الربض مهدوم، وبها جامع متقن البناء قبلته سور المدينة، وفيها خمسة حمّامات ماؤها من العيون وفنادق كثيرة، وبها ثلاث رحاب لبيع الأطعمة وعيون خارجها (لا تحصى كثرة، وهي دائمة الدجن والغيم، كثيرة الأمطار والانداء قلّما يصحى هواؤها، وبها يضرب المثل في كثرة المطر)«٢» . ولها نهر (من جهة الشرق)«٣» جار من الجوف إلى القبلة على ثلاثة أميال منها، وحولها بساتين عظيمة تطرد فيها المياه، وأرضها سوداء متشقّقة يجود بها جميع البزور، وبها حمص وفول قلّما يرى مثله، وتسمّى هري إفريقية لريع زرعها وكثرة رفائعها، وإنّها خصيبة ليّنة الأسعار أمحلت البلاد أو خصبت، وإذا كانت أسعار القيروان نازرة «٤» لم يكن للحنطة بها قيمة، ربّما اشتري وقر البعير من الحنطة بدرهمين ويردها كلّ يوم من الدوابّ والإبل العدد العظيم «٥» الآلاف والأكثر لانتقال الميرة، فلا يؤثّر ذلك في سعرها لكثرة طعامهم. ثمّ تسير منها مرحلة إلى باسلي «٦» ، وهي قرارات للبربر ببلد ورداجة على عيون عذبة.
١٢٠٧ (ومن قرى باجة المغيرة شريفة)«٧» فيها آثار عظيمة عجيبة «٨» للأوّل من كنائس قائمة البنيان محكمة «٩» العمل كأنّما رفعت عنها الأيدي بالأمس، وكلّها مفروشة بالرخام النفيس يقف عليها من الغربان عدد «١٠» لا يحصى كثرة حتّى يظنّ المرء أنّ غربان الأرض قد تجمّعت هناك، ويزعمون «١١» أنّ بها طلسما.