وامتحن أهل مدينة باجة أيّام أبي يزيد بالقتل والسبي والحرق. قال الراجز في هجوه لأبي يزيد [رجز] :
وبعدها باجة أيضا أفسدا وأهلها أجلى ومنها شرّدا وهدم الأسواق «١» والقصورا والدور قد فتش والقبورا ولم يزل الناس يتنافسون في ولاية باجة وكان المتداولون فيها لذلك بنو علي بن حميد الوزير، فإذا عزل منهم أحد لم يزل يسعى ويتلطّف ويهادي ويتاحف حتّى يرجع إليها. فقيل لبعضهم: لم ترغبون في ولاية مدينة باجة؟ فقال:
لأربعة أشياء، قمح عندة وسفرجل زانة وعنب بلطة وحوت درنة. وبها حوت بوري ليس له في الآفاق نظير يخرج من حوت واحد عشرة أرطال شحم وأكثر إذا كان من جلّتها «٢» ، وكان يحمل إلى عبيد الله حوتها في العسل فيحفظه ويصل طريّا. ودرنة بين طبرقة وباجة.
١٢٠٨ ومنها إلى مدينة طبرقة، وهي على شاطىء البحر، وفيها آثار للأوّل وبنيان عجيب، وهي عامرة لورود التجّار فيها. وبها نهر كبير تدخله السفن الكبار وتخرج في بحر طبرقة. وروي أنّ الكاهنة قتلت بطبرقة.