١٢١٨ ومدينة تنس بينها وبين البحر ميلان، وهي مسوّرة حصينة داخلها قلعة صغيرة «١» صعبة المرتقى ينفرد بسكناها العمّال لحصانتها. وبها مسجد جامع وأسواق كثيرة، وهي على نهر (يسمّى تناتين)«٢» يأتيها من جبل على مسيرة يوم فيأتيها من القبلة ويستدير بها من جهة الجوف والشرق ويريق في البحر، وبها حمّامات. وتنس هذه هي الّتي تسمّى تنس الحديثة، (وعلى البحر حصن يذكر أهل تنس أنّه كان القديم المعمور قبل هذه الحديثه، وتنس الحديثة)«٣» أسّسها وبناها البحريّون من أهل الأندلس منهم الكركرني «٤» وأبو عائشة والصقر وصهيب وغيرهم، وذلك سنة اثنتين وستّين ومائتين «٥» ، ويسكنها فريقان من أهل الأندلس من أهل ألبيرة وأهل تدمير، وأصحاب تنس من ولد إبراهيم بن محمّد بن سليمان بن عبد الله بن حسن بن حسين بن علي (بن أبي طالب)«٦» ، وكان هؤلاء البحريّون من أهل الأندلس يشتون «٧» هناك إذا سافروا من الأندلس في مرسى على ساحل البحر، فتجمّع إليهم بربر هذا القطر ورغبوا في الانتقال إلى قلعة تنس وسألوهم أن يتّخذوها سوقا ويجعلوها سكنى، ووعدوهم «٨» بالعون والرفق وحسن المجاورة والعشرة، فأجابوهم إلى ذلك وانتقلوا إلى القلعة وخيّموا بها، وانتقل إليهم من جاورهم من أهل الأندلس وغيرهم. فلمّا دخل عليهم الربيع اعتلّوا واستوبوا الموضع، فركب البحريّون من أهل الأندلس «٩» مراكبهم وأظهروا لمن بقي منهم أنّهم يمتارون، فحينئذ نزلوا قرية بجّانة «١٠» وتغلّبوا عليها (على ما يأتي ذكره إن شاء الله)«١١» . ثمّ إنّ الباقين بتنس لم يزالوا في تزيّد ثروة وعددا «١٢» ، ورحل إليهم أهل سوق إبراهيم وكانوا في أربعمائة بيت، فتوسّع لهم أهل تنس في منازلهم وشاركوهم في أموالهم