١٢٤٢ ثمّ من بنطيوس إلى مدينة بسكرة وقد تقدّم ذكرها. ومنها إلى مدينة تهوذا وتعرف بمدينة السحر «١» ، وهي مدينة آهلة كثيرة الثمار والنخل والزرع، وتهوذا مدينة أوّلية بنيانها بالحجر ولها أموال كثيرة وحولها ربض قد خندق على جميعه واستدار بالمدينة، وبها جامع جليل ومساجد كثيرة وأسواق وفنادق ونهر ينصبّ في جوفيّها من جبل أوراس، سكّانها العرب وقوم من قريش، وإن كانت بينهم وبين من يجاورهم حرب أرسلوا ماء النهر في الخندق المحيط بمدينتهم فشربوا منه وامتنعوا (من عدوّهم)«٢» به. (وفي المدينة بئر لا تنزح أوّلية)«٣» وآبار كثيرة طيّبة. وأعداؤهم هوارة ومكناسة إباضية وهم بجوفيّها، وأهل تهوذا على مذاهب أهل العراق. وحولها بساتين كثيرة من أصناف الثمار وضروب البذر يجود بها، وحواليها أزيد من عشرين قرية.
١٢٤٣ وروى أبو المهاجر عن رجاله عن شهر بن حوشب أنّ النّبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن سكنى هذه البقعة الملعونة الّتي يقال لها تهوذا، (ويقال إنّه قال)«٤» :
سوف يقتل بها رجال من أمّتي على الجهاد في سبيل الله ثوابهم ثواب أهل بدر وأهل أحد، والله ما بدّلوا حتّى ماتوا. وكان شهر بن حوشب يقول:
وا شوقاه إليهم. وكان يقول: سألت بعض «٥» التابعين عن هذه العصابة فقال: ذلك عقبة بن نافع قتله البربر والنصارى بمدينة يقال لها تهوذا، فمنها يحشرون يوم القيامة وسيوفهم على عواتقهم حتّى يقفوا بين يدي الله تعالى.
قال أبو المهاجر: قدم عقبة بن نافع مصر وعليها عمرو بن العاص في خلافة معاوية (بن أبي سفيان)«٦» ، فنزل منزلا من بعض قراها ومعه عمرو بن