العاص وعبد الله بن عمرو وجماعة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فوضع بين أيديهم سفرة فيها طعام، فلمّا تناولوا من الطعام ضربت حداة على الطعام الّذي بين أيديهم فأخذت منه عرقا، فقال عقبة: اللهمّ دقّ عنقها. قال:
فأقبلت الحداة منقضّة حتّى ضربت بنفسها الأرض فاندقّ عنقها. فاسترجع عمرو فسمعه عقبة يترجّع «١» فقال: ما بالك يا أبا عبد الله؟ قال: بلغني أنّ نفرا من قريش يخرجون إلى هذا الموضع فيستشهدون جميعا. فقال عقبة:
اللهمّ وأنا منهم. ثمّ إنّ عقبة بن نافع خرج من عند يزيد بن معاوية في جيش على غزو المغرب، فمرّ على عبد الله بن عمرو- (وقيل بن عمرو)«٢» - وهو بمصر، فقال له عبد الله: يا عقبة لعلّك من الجيش الّذين يدخلون الجنّة برحالهم. قال أبو المهاجر: فبلغ عقبة بن نافع في غزواته إلى السوس الأدنى والأقصى والبحر المحيط وأدخل فيه فرسه (حتّى بلغ الماء لبب فرسه)«٣» وانصرف إلى إفريقية، فلمّا دنا منها تفرّق أصحابه عنه فوجا فوجا. فلمّا وصل إلى مدينة طبنة أذن لسائر «٤» من بقي معه وبقي في عدّة يسيرة وقال في طريقه: أمرّ إلى مدينة تهوذا وإلى مدينة باديس وأعرف ما يكفيهما من العدّة والجيوش، وكانتا في ذلك الوقت من أعظم مدائن المغرب. فلمّا انتهى إلى مدينة تهوذا اعتمده كسيلة بن لهزم في جيوش الروم وأقبلت إليه (جيوش الروم)«٥» وعساكر البربر وقد علموا بافتراق عساكر عقبة، فزحفوا إليه فكسر عقبة وأصحابه أجفان سيوفهم وقاتلوا حتّى قتلوا جميعا.
١٢٤٤ وقبر عقبة معروف بمدينة تهوذا: ولمّا أراد معدّ بن إسماعيل بن عبيد الله تحريف قبلة مسجد القيروان وقلع من محرابه آجرا، وذلك سنة خمس وأربعين وثلاثمائة، بلغه أنّ أهل القيروان يذكرون دعاء عقبة للقيروان