١٣٨٩ فأمّا طريق الشتاء فتأخذ «١» من مسكيانة إلى مدينة تبسا لأنّ وادي ملّاق يتّسع من سلوك تلك الطريق. ومدينة تبسا مدينة كبيرة (كثيرة الفواكه)«٢» أوّلية مبنيّة بالصخر الجليل، أخرب بعض سورها أبو يزيد مخلد بن كيداد، وهي على نهر كبير كثير الفواكه والأشجار لا سيّما الجوز، فإنّ المثل يضرب بجلالته هناك وكبره وطيبه. وفيها أقباء يدخلها الرفاق بدوابّهم في زمن الثلج والشتاء، يسع القبو الواحد ألفي دابّة وأكثر.
١٣٩٠ ومنها إلى مدينة سبيبة، أوّلية مبنية (بالحجارة أي)«٣» بالصخر، بها جامع وحمّامات تطرد فيها المياه العذبة تطحن عليها الأرحاء، وهي كثيرة البساتين ويجود في أرضها الزعفران، وحواليها جبال كثيرة (يسكنها من العرب قوم يعرفون ببني المغلس وبني الكسلان وحولهم قبائل من البربر كثيرة)«٤» من هوارة ومرنيسة. وفي الطريق إلى سبيبة مرصد «٥» يعرف بعين التينة وعين تعرف بعين أربان ماء يجري من قناء للأوّل «٦» . وبشرقيّ هذا العين جبل منيف محدّد فيه شقّ وفي ذلك الشقّ رجل مذبوح معروف هناك قبل فتوح إفريقية لا يحل منه قليل ولا كثير «٧» ولا نال «٨» منه سبع ولا دابّة، ويقال إنّه من الحوّاريين، وقد تقدّم ذكره. ومن مدينة سبيبة إلى قرية الجهنيّين، وهي قرية كبيرة آهلة كثيرة الفنادق والحوانيت ولها أشجار وفواكه، بينها وبين القيروان مرحلة، وعليها جبل يسمّى ممطور لأنّ معاوية بن حديج نزله فأصابه مطر فقال: جبلنا ممطور. ومنها إلى منزل يقال له الهرى يجاوره مرصد، ومنه إلى كدية الشعير، إلى مدينة القيروان. وقال محمّد بن يوسف: من مدينة