المدينة قبائل مزاتة وضريسة وكلّهم إباضية، وهم يظعنون في زمن الشتاء إلى الرمال (حيث لا مطر ولا ثلج)«١» خوفا على نتاج إبلهم. وإلى مدينة باغاية «٢» لجأ البربر والروم وبها تحصّنوا من عقبة بن نافع القرشي، فدارت بينهم حروب عظيمة وكانت الدائرة «٣» فيها على أهل باغاية، فهزمهم عقبة بن نافع وقتلهم قتلا ذريعا، ولجأ فلّهم إلى الحصن وغنم منهم خيلا لم يروا في مغازيهم «٤» أصلب ولا أسرع منها من نتاج خيل أوراس. فرحل عنهم عقبة ولم يقم عليهم كراهة أن يشتغل بهم عن غيرهم. وأهلها اليوم كلّهم على رأي الإباضية. وكيل الطعام بباغاية بالويبة «٥» وهي أربعة وستّون مدّا بمدّ النبي - صلى الله عليه وسلم -، (وهو قفيز ونصف قفيز قرطبي)«٦» ، وقفيز الزيت قروي وهو خمس ربع قرطبي، ورطل اللحم عندهم عشرون رطلا فلفلية.
١٣٨٨ ومن باغاية إلى مدينة مجانة، وهي كبيرة (عليها سور طوب وبها جامع وحمّامات ومعادن كثيرة)«٧» منها معدن فضّة للواتة يسمّى الوريطسي «٨» ، وتعرف بمجانة المعادن، ولها قلعة مبنية بالحجر فيها ثلاثمائة وستّون جبّا قد تقدّم ذكرها. وهذه المدينة للعرب وحولها لواتة. وهذه القلعة تعرف بقلعة بسر لأنّ بسر بن أرطاة افتتحها عنوة، بعثه إليها موسى بن نصير وبعث خمس غنيمتها إليه. وبين باغاية ومجانة فندق مسكيانة ووادي ملّاق، وهو واد صعب كثير الدهس وعر المخائض. وتسير من مجانة إلى مرماجنّة «٩» ، وهي مدينة لطيفة بها جامع وفندق وسوق وهي في بساط مديد. وهذه طريق الصيف.