منه بيت مالهم «١» وطردوه وهدموا داره وانتهبوا ما كان فيها من أثاث وخرثى. فخرج مستخفيا من قبائل صنهاجة إلى أن أتى وجّاج بن زلوي فقيه ملكوس. فعاتبهم وجّاج «٢» على ما كان منهم إلى عبد الله وأعلمهم أنّ من خالف أمر عبد الله فقد فارق الجماعة وأنّ دمه هدر، وأمر عبد الله بالرجوع إليهم فرجع وقتل الّذين قاموا عليه وقتل خلقا كثيرا ممّن استوجب القتل عنده لجراية أو فسق واستولى على الصحراء كلّها: وأجابه جميع تلك القبائل ودخلوا في دعوته والتزموا السنّة به. ثمّ نهضوا إلى لمطة وسألوهم ثلث أموالهم ليطيب لهم بذلك الثلثان، وهكذا سنّ لهم عبد الله في الأموال المختلطة، فأجابوهم إلى ذلك ودخلوا معهم في دعوتهم.
١٤٣٥ وأوّل ما أخذوا من البلاد المخالفة لهم درعة، ولهم في قتالهم شدّة وجلد ليس لغيرهم، وهم يختارون الموت على الانهزام ولا يحفظ لهم فرار من زحف، وهم يقاتلون على الخيل والنجب وأكثر قتالهم رجالة صفوفا بأيدي الصفّ الأوّل القنى الطوال للمداعسة والطعان، وما يليه «٣» من الصفوف بأيديهم المزاريق يحمل الرجل الواحد منها «٤» عدّة يزرقها فلا يكاد يخطئ ولا يشوى.
ولهم رجل قد قدموه أمام الصفّ بيده الراية، فهم يقفون ما وقفت منتصبة، وإن أمالها إلى الأرض جلسوا جميعا فكانوا أثبت من الهضاب، ومن فرّ أمامهم لم يتبعوه. وهم يقتلون الكلاب لا يستصحبون منها شيئا.