١٤٣٦ وكان يحيى بن عمر أشدّ الناس انقيادا لعبد الله بن ياسين وامتثالا لما يأمره به، ولقد حدّث جماعة أنّ عبد الله قال له في بعض تلك الحروب: أيّها الأمير إنّ عليك حقّا أدبا. فقال له يحيى: فما الّذي أوجبه عليّ؟ قال له عبد الله:
إنّي لا أخبرك به حتّى أؤدّبك وآخذ حقّ الله منك. فطاع له الأمير بذلك وحكمه في بشرته فضربه الفقيه ضربات بالسوط، ثمّ قال له: الأمير لا يدخل القتال بنفسه لأنّ حياته حياة عسكره وهلاكه هلاكهم.
١٤٣٧ وغزا المرابطون مدينة سجلماسة بعد أن خاطبوا أهلها ورئيسهم مسعود بن وانودين المغراوي، فلم يجيبوهم إلى ما أرادوا، فغزوهم في جيش عدّته ثلاثون ألف جمل سرج، فقتلوا مسعودا واستولوا على مدينة سجلماسة وتخلّفوا فيها جماعة منهم، ثمّ عادوا إلى بلادهم. فغدر أهل سجلماسة بالمرابطين بالمسجد «١» فقتلوا منهم عددا كثيرا، وذلك سنة ستّ وأربعين وأربعمائة. وندم أهل سجلماسة على ما فعلوا وتواترت رسلهم على عبد الله بن ياسين أن يرجع إليهم العساكر ويذكرون أنّ زناتة زحفت إليهم، فندب عبد الله المرابطين إلى غزو زناتة ثانية، فأبوا عليه وخالف عليه بنو جدالة وذهبوا إلى ساحل البحر. فأمر عبد الله الأمير يحيى أن يتحصّن بجبل لمتونة، وهو جبل منيع كثير الماء والكلأ في طوله مسافة ستّة أيّام وفي عرضه مسافة يوم «٢» ، وهناك حصن يسمّى أركى «٣» حوله نحو عشرين ألف نخلة كان بناه يانّو بن عمر الحاج أخو يحيى بن عمر.