١٤٥٣ ومن ترنقة تصل العمارة بالسودان إلى بلد زافقو «١» ، وهم صنف من السودان يعبدون حيّة كالثعبان العظيم ذا عرف وذنب رأسه كرأس البختي، وهو في مغارة بالمفازة وعلى فم المغارة عريش وأحجار «٢» ومسكن قوم منهم متعبّدين معظّمين «٣» لتلك الحيّة، ويعلّقون نفيس الثياب وجرّ «٤» المتاع على ذلك العريش ويضعون له جفان الطعام وعساس اللبن والشراب. وهم إذا أرادوا إخراجه إلى العريش تكلّموا كلاما وصفروا صفيرا معلوما فيبرز إليهم. وإذا هلك والي من ولاتهم «٥» جمعوا كلّ من يصلح للمملكة وقرّبوهم إليها وتكلّموا بكلام يعلمونه، فتدنو الحيّة منهم فلا تزال تشمّهم رجلا رجلا حتّى تنكز أحدهم بأنفها، فإذا نكزته ولت إلى المغارة فيتبعها ذلك المنكوز بأجدّ ما يقدر عليه من السير، فيجذب من ذنبها أو من عرفها بأشدّ ما يقدر عليه من شعرات، فتكون مدّة ملكه لهم بعدد تلك الشعرات لكلّ شعرة سنة، لا يخطيهم ذلك بزعمهم.
١٤٥٤ وتليهم بلاد الفرويين، وهي مملكة الفرويّين على حدتها، ومن غريب ما فيها بركة يجتمع فيها الماء ينبت فيها نبات أصوله أبلغ شيء في تقوية الباه والعون عليها، والملك يمنع منها ولا يصل منها شيء إلى غيره، وله من النساء عدد عظيم، فإذا أراد أن يطوف عليهنّ أنذرهنّ قبل ذلك بيوم، ثمّ استعمل ذلك الدواء فيطوف عليهنّ كلّهنّ «٦» ولا يكاد ينكسر. وقد أهدى إليه بعض (ملوك المسلمين)«٧» المجاورين له هدية نفيسة واستهداه شيئا من هذا النبات «٨» . فعارضه على هديته وكتب إليه يقول: إنّ المسلمين لا يحلّ لهم