بلاد السودان، وعليه قبائل من «١» البربر مسلمون يسمّون مداسة، وبإزائهم من الشط الثاني مشركو السودان. ثمّ تسير من هناك ستّ مراحل على النيل إلى مدينة تيرقى، ويجتمع في سوق هذه المدينة أهل غانة وأهل تادمكّة. وتعظم السلاحف بتيرقى وتتّخذ في الأرض أسرابا «٢» يمشي فيها الإنسان ولا يطيقون استخراج واحدة منها إلّا بعد شدّ الحبال فيها واجتماع العدد الكثير عليها. وأخبرني الفقيه أبو محمّد عبد الملك بن نخاس الغرفة أن قوما عرسوا في طريق تيرقى، والأرضة هناك تأتي على ما تجده وتفسد ما وصلت إليه وتخرج من التراب أكواما كالروابي، ومن الغرائب «٣» أنّ ذلك التراب ثّر ند والماء هناك غير موجود على أبعد حفر. فلا توضع الأمتعة إلّا على الحجارة المجموعة أو الخشب الموضوعة. فارتاد كلّ واحد من القوم لمتاعه حرزا من الأرضة، وبدر أحدهم فيما ظنّ إلى صخرة كبيرة فأنزل عليها وقر بعيرين كانا معه. فلمّا هبّ «٤» من نومه سحرا لم يجد الصخرة ولا ما كان عليها، فارتاع ونادى بالويل والحرب «٥» . فاجتمعوا إليه يسألونه عن خطبه فأخبرهم فقالوا: لو طرقك لصوص لأخذوا المتاع وبقيت الصخرة. فنظروا فإذا أثر سلحفاة ذاهبة من الموضع، فاقتفوه أميالا حتّى أدركوها وحملا المتاع على ظهرها، وهي الّتي حسبها صخرة.
١٤٧١ ومن تيرقى يرجع النيل نحو الجنوب في بلاد السودان، فتسير عليه نحو «٦» ثلاث مراحل فتدخل بلاد سغمارة «٧» ، وهم قبيل من البربر في عمل تادمكّة، ويحاذيهم من الشطّ الثاني مدينة كوكو للسودان. وسيأتي ذكرها وما والاها إن شاء الله.