١٤٨٥ قال حماد: ثمّ أمرت القواد فأحضروا جميع ما كان في جيوشهم من النساء فعرف فيهنّ بنته. قال: فأمرت بسترها وحملها مع أبيها، فرفعت صوتها قائلة: لا والله يا حماد، لا رجعت مع أبي ولا رجعت مع الّذي غصبني.
قلت: وما تريدين ويلك؟ قالت: إنّي لا أصلح إلّا للملوك فلا حاجة لي في السّوقة. فلمّا سمع ذلك أبوها سكن ما كان في نفسه وظنّ أنّها قد فتنت وفسدت عليه. قال حمّاد: فقلت لها: ومن أين لا تصلح إلّا للملوك؟
قالت: لأنّ عندي علما لا أشارك فيه ولا يدّعيه غيري. قلت: ألا أريتنا شيئا من ذلك؟ فقالت: نعم، تأمر بقتل إنسان «١» تحضر أمضى سيف أتكلّم عليه بكلمات تمنع من تأثيره «٢» ويعود بيد حامله أكلّ من قائمه. قال حمّاد: فقلت: الّذي يجرّب هذا فيه لمغرور. قالت: أو يتّهم أحد أن يريد قتل نفسه؟ قلت «٣» لا. قالت: فإنّي أريد أن يجرّب ذلك فيّ. فتكلّمت على سيف اختاروه ومدّت عنقها، فضربها السيّاف ضربة أبان رأسها.
فاستيقظت من غفلتي وعلمت أنّها تداهت عليّ وكرهت العيش بعد الّذي جرى لها وعليها «٤» . واستبان لأبيها من ذلك مثل الّذي بان لي، فجعل يلقي بنفسه عليها ويتمرّغ في دمها أسفا لما حلّ به منها واغتباطا بها لما رأى من عظم أنفتها واختيارها الموت على ما نزل بها.
١٤٨٦ وبنو وارسيفان «٥» قبيل من البربر إذا أرادوا مباشرة «٦» الحرب تقرّبوا بذبح بقرة سوداء للشماريخ- وهم عندهم الشياطين- ويقولون: هذا ذبح للشماريخ، ويفتحون أوعيتهم في تلك الليلة من الطعام والعلف فلا «٧» يكون له «٨» وكاء ولا سداد، ويقولون: هذا طعام وعلف للشماريخ. فإذا غدوا