غيرة أن قام إليها وطعنها طعنة كانت فيها نفسها. فعمد إليه أهلها وإخوتها فقتلوه. واختلف الفريقان وزحف بعضهم إلى بعض، فكادت الحرب تفنيهم. وتمّ للزوج الأوّل المراد فيهما ولم يرزأ في نفسه ولا في ماله بمقدار قلامة.
١٤٨٤ وحدّثوا أنّ حمادا قال: ما تداهى أحد قطّ عليّ ولا خدعني إلّا امرأة وكعاء من البربر «١» . قيل له: وكيف كان ذلك؟ قال: نعم إنّ صاحبا كان لي بالقيروان نشأ معي نشأة واحدة لم يفرق بيننا مكتب ولا مشهد «٢» ، وكنت قد خلطته بنفسي وجعلته محلّ أنسي. فلم يزل على ذلك حتّى صرت إلى ما أنا فيه ففقدته فجعلت أفتقده فلا أقدر عليه ولا أجد سببا للوصول إليه. فلمّا أن عتبت على أهل باغاية وشننت عليها الغارات لم أنشب «٣» صبيحة ذلك اليوم أن سمعت مناديا ينادي: يا لله يا للأمير «٤» . فقلت: ما بالك ومن أنت؟ فقال: أنا فلان بن فلان. فإذا به صاحبي المطلوب قد حبسه عنّي نسكه وغلب على هواه ورع يملكه. فأظهرت البشر بمكانه والجذل «٥» بشأنه، ولو شفع في جميع أهل باغاية لشفعته. فجعلت ألطّفه وأؤنّسه وهو كالولهان، فسألته عن أمره فقال إنّه فقد بنته فيمن فقد من النساء. فقلت له: والله لو خرجت إليّ بالأمس لحقنت دماء أهل بلدك «٦» لحرمتك عندي. فقال: القدر غالب والمحروم خائب.