بأحكام النجوم وكوّرت الأفلاك وعملت الآلات وقرب فهم ذلك إلى قلوب الناس ونظر أصحاب النجوم فيما سألهم عنه، فأخبروه أنّ مولودا يولد يكون على يده هلاكه وذهاب مملكته وفساد آلهتهم.. فأمر بقتل الولدان وعزل الرجال عن النساء. وخرج إلى قرية أخرى وأخرج الرجال مع نفسه ولا يولد مولود إلّا قتله «١» . وعرضت حاجة للنمرود إلى المدينة فلم يأمن عليها إلا آزر، فأرسله فيها ونهاه عن مواقعة أهله، فقال (له آزر: أنا أضنّ بديني)«٢» .
فلمّا دخل المدينة لم يتمالك أن وقع على زوجته، ثم مرّ بها إلى قرية بين الكوفة والبصرة فجعلها في سرب، وكان يتعاهدها بالطعام والشراب، فولدت إبراهيم فكانت جمعته كالشهر لسرعة شبابه، وترعرع ابراهيم ونسي الملك ما أنذر به. فلمّا أمن عليه أبوه أخرجه من السرب بعد المغرب فرفع رأسه فإذا هو بالكوكب المشتري، وكان من أمره ما نصّه الله تعالى.
قال ابن عبّاس رضي الله عنهما: وخرج في آخر الشهر، فلذلك لم ير القمر قبل الكوكب. وكان قد أوتي رشده من قبل، ومن أوتي رشده فقد عصم من الزلل وعبادة غير الواحد الصمد. ثمّ أتاه جبريل عليه السلام فعلّمه دينه واصطفاه الله خليلا ونبيّا، فدعا قومه إلى الإسلام، وكان من كسر الأصنام ما نصّه الله تعالى.
١٠٩ فشاور نمرود في أمره، فقال رجل منهم يقال له هيزم: حرّقوه، فخسف الله به الأرض فهو يتلجلج فيها إلى يوم القيامة. وقال عبد الله بن عمر لمجاهد «٣» : أتدري من أشار بحرق إبراهيم؟ قال: قلت: لا. فقال: رجل من أعراب فارس. قلت: وهل للفرس من أعراب؟ قال: نعم، الكرد.