ولمّا رفع إبراهيم ليقذف به في النار سألت السماوات والأرض وكلّ من عليها غير الثقلين ربّها تبارك وتعالى أن يأذن لها في نصرته، فقال: إن استغاث بشيء منكم فينصره، وإن لم يدع غيري فأنا وليّه. فرفع إبراهيم رأسه فقال: اللهم أنت الواحد في السماء وأنا الواحد في الأرض. فقال الله عزّ وجلّ: يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً
«١» . فقال عبد الله بن عبّاس رضي الله عنهما: لو لم يتبع بردها سلاما لمات إبراهيم من بردها ولم ينتفع بنار في ذلك اليوم وظنّت كلّ النار أنّها المأمورة «٢» . ونظر نمرود إلى إبراهيم في روضة خضراء في سواء النار ومعه رجل ورأس إبراهيم على حجره وهو يمسح العرق عن وجهه، وكان ملك الظلّ، وإبراهيم حينئذ ابن ستّ عشرة سنة.
فعجب نمرود من ذلك وما كفّ عن إبراهيم وقال: إنّي مقرّب إلى إلاهك أربعة آلاف بقرة. فقال إبراهيم: إنّه لا يقبلها منك ما كنت على شيء من دينك.
١١٠ واستجاب لإبراهيم رجال من قومه بتلك الآية على خوف من نمرود، وآمن به ابن أخيه لوط. وتزوّج إبراهيم سارة ابنة عمّه هران الأكبر بن ناحور، هي سارة ابنة هران بن ناحور أخت لوط وابنة عمّ ابراهيم، فآمنت به. قال:
وهي أوّل من آمن به. وخرج إبراهيم مهاجرا بمن معه حتّى قدم مصر. قال وهب: فلسطين. فوجد بها فرعون من فراعنة القبط. قال وهب: يقال له صادوف، فذكر له حسن سارة فأرسل إلى إبراهيم فسأله عنها فقال: هي أختي: وخاف أن يقتله عليها لو قال: هي زوجتي. فقال: زيّنها وارسل بها إليّ أنظر إليها. فمدّ يده إليها فرعون فيبست إلى صدره فقال: ادعي ربّك أن يطلق يدي ولا أمسكك. ففعلت وانطلقت إليه يده، ووهب لها هاجر