للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِلْقُِنْيَةِ وَنَوَاهُ للتِّجَارَةِ، أو تَمَلَّكَهُ بالشِّرَاءِ، وَلَمْ يَنْوِهِ للتِّجَارَةِ، لم يَصِرْ للتِّجَارَةِ، وَقَدْ نَقَلَ عَنْهُ ابنُ مَنْصُوْرٍ (١): أنَّ العُرُوضَ تَصِيْرُ للتِّجَارَةِ لِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ.

ويُعْتَبَرُ النِّصَابُ في قِيْمَةِ العُرُوضِ في جَمِيْعِ الحَوْلِ، كَمَا يُعْتَبَرُ في جَمِيْعِ نُصبِ الزَّكَاةِ.

وَإِذَا اشْتَرَى عَرْضاً للتِّجَارَةِ بِنِصَابٍ مِنَ الأَثْمَانِ أو بِمَا قِيْمَتُهُ نِصَابٍ مِنْ عُرُوضِ التِّجَارَةِ بَنَى حَوْلَهُ عَلَى حَوْلِ الثَّمَنِ، فَإِنْ اشْتَرَاهُ بنصاب من السائمة لَمْ يبنِ حولهُ عَلَى حولها لإنهما مختلفان فإن إشتراه بِعُرُوضٍ للنَّفَقَةِ، أو بِمَا دُوْنَ النِّصَابِ مِنَ الأَثْمَانِ انْعَقَدَ الحَوْلُ عَلَيْهِ مِنْ يَومِ تَصِيْرُ قِيْمَتُهُ نِصَاباً، ويُقَوَّمُ مَالُ التِّجَارَةِ بِمَا هُوَ أحَظُّ لِلْمَسَاكِيْنِ مِنْ عَيْنٍ أَو وَرَقٍ، ولاَ يُعْتَبَرُ ما اشْتَرَاهُ بِهِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيْمَتُهُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَبْلُغُ نِصَاباً قومهُ يما شَاءَ مِنْهُمَا، وإذا ملك للتجارة نصاباً مِنَ السَّائِمَةِ وحَالَ الحَوْلُ، والسَّوْمُ ونِيَّةُ التِّجَارَةِ مَوْجُوْدَانِ وَجَبَتْ زَكَاةُ التِّجَارَةِ دُوْنَ السَّوْمِ (٢)، فَإِنْ وُجِدَ نِصَابُ أَحَدِهِمَا دُوْنَ الآخَرِ، مِثْلُ: إِنْ كَانَتْ ثَلاَثِيْنَ مِنَ الغَنَمِ قِيْمَتُهَا مِئَتَا دِرْهَمٍ، أو أَرْبَعِيْنَ قِيْمَتُهَا دُوْنَ المِئَتَيْنِ قَدَّمْنَا مَا وُجِدَ نِصَابُهُ / ٦٨ ظ / وسَقَطَ اعْتِبَارُ الآخَرِ.

وإِذَا اشْتَرَى أَرْضاً أو نَخْلاً للتِّجَارَةِ فَزُرِعَتِ الأَرْضُ وأَثْمَرَتِ النَّخْلُ زَكَّى الْجَمِيْعَ زَكَاةَ القِيْمَةِ (٣)، وَقِيْلَ (٤): يُزَكَّى الأَصْلُ زَكَاةَ القِيْمَةِ، والثَّمَرُ والزَّرْعُ زَكَاةَ العُشْرِ (٥).

وإِذَا اشْتَرَى عَرْضاً بِنِصَابٍ، فَإِنَّهُ يَجِبُ تَقْوِيْمُهُ إِذَا تَمَّ الحَوْلُ، فَإِنْ زَادَ بَعْدَ الحَوْلِ أو نَقَصَ أو تَلَفَ المَالُ لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ في الواجِبِ.

وإِذَا دَفَعَ إلى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً عَلَى أنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، فَحَالَ الحَوْلُ وقَدْ صَارَتْ أَلْفَيْنِ، وَجَبَ عَلَى رَبِّ المَالِ زَكَاةُ أَلْفَيْنِ وخَمْسِ مِئَةٍ؛ لأنَّ رِبْحَ التِّجَارَةِ حَوْلُهُ حَوْلُ أَصْلِهِ، وعَلَى العَامِلِ زَكَاةُ خَمْسِ مِئَةٍ (٦) يُحْسَبُ حَوْلُهَا مِنْ حِيْنِ ظُهُورِ الرِّبْحِ؛ لأنَّهُ لاَ يَخْتَلِفُ قَوْلُ أَحْمَدَ - رضي الله عنه -: إنَّ العَامِلَ يَمْلِكُ الرِّبْحَ بالظُّهُورِ، فَإِذَا مَلَكَهُ جَرَى فِي حَوْلِ الزَّكَاةِ. وَقَالَ أبو بَكْرِ بنِ جَعْفَرٍ، وشَيْخُنَا أبو يَعْلَى: يُحْسَبُ حَوْلُهُمَا (٧)


(١) وذكر القاضي: أنه لا يصير للتجارة إلا أن يملكه بعوض. انظر: الشرح الكبير ٢/ ٦٢٥.
(٢) قال في المغني ٢/ ٦١٩: ((ولنا أن زكاة التجارة أحظ للمساكين؛ لأنها تجب فيما زاد بالحساب)).
(٣) وهو قول القاضي أبي يعلى وأصحابه. انظر: المغني ٢/ ٦٣٠.
(٤) وهو قول أبي حنيفة، وأبي ثور. انظر: بدائع الصنائع ٢/ ٢١، والمغني ٢/ ٦٣٠.
(٥) لأنه أحظ للفقراء، فإن العشر أحظ من ربع العشر فيجب تقديم ما فيه الحظ. المغني ٢/ ٦٣٠.
(٦) قال ابن قدامة في المغني ٢/ ٦٣٣: ((فعلى رب المال زكاة ألفين))، وذهب الشافعية إلى أن المالك يدفع زكاة جميع أموال المضاربة. انظر: الحاوي ٤/ ٢٩٥، والوسيط ٢/ ١٠٩١، والتهذيب ٣/ ١١٢، والمغني ٢/ ٦٣٣، وحلية الأولياء ٣/ ١٠٩، وفتح العزيز ٦/ ٨٤.
(٧) مكررة فِي المخطوط.

<<  <   >  >>