للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والزَّبِيْبِ والبُرِّ والشَّعِيْرِ ودَقِيْقِهِمَا وسُوَيْقِهِمَا، فأَمَّا الأَقِطُ (١) فَعَنْهُ: أنَّهُ لاَ يُخْرَجُ مَعَ وُجُودِ هَذِهِ الأَصْنَافِ، وَعَنْهُ: أنَّهُ يُخْرَجُ عَلَى الإِطْلاَقِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أبي بَكْرٍ (٢)، وما عَدَا هَذِهِ الأَصْنَافِ فَلاَ يُجْزِيء إِخْرَاجُهُ مَعَ وُجُوْدِهَا سَواءٌ كَانَتْ قُوْتَهُ وقُوتَ بَلَدِهِ، أو لَمْ تَكُنْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الأَصْنَافَ المَنْصُوصَ عَلَيْهَا، فَقَالَ ابن حَامِدٍ: يُخْرِجُونَ مِمَّا يَقْتَاتُونَ (٣). وَقَالَ أبو بَكْرٍ عَبْد العزيز (٤): يُحْتَمَلُ أنْ يُجْزِيَهُ كُلُّ مَكِيْلٍ مَطْعُومٍ، وَيُحْتَمَلُ أنْ لاَ يُجْزِيَهُ غَيْرُ المَنْصُوصِ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَدَمَهُ أَعْطَى مَا قَامَ مَقَامَ ذَلِكَ، وَقَالَ: وَهُوَ الأَقْيَسُ عِنْدَهُ ويُجْزِي إِخْرَاجُ صَاعٍ مِنْ أَجْنَاسٍ إِذَا لَمْ يَعْدِلْ عَنِ المَنْصُوصِ، ولاَ يُخْرِجُ في الفِطْرَةِ حَبّاً مَعِيْباً ولاَ خُبْزاً، وأَفْضَلُ المُخْرَجِ التَّمْرُ، ثُمَّ الزَّبِيْبُ، ثُمَّ البُرُّ، ثُمَّ الشَّعِيْرُ.

بَابُ أَحْكَامِ الصَّدَقَةِ وإِخْرَاجِهَا

لاَ يَجُوزُ تَأْخِيْرُ إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ عَنْ وَقْتِ وُجُوبِهَا مَعَ القُدْرَةِ عَلَى الإِخْرَاجِ، فَإِنْ تَلَفَ المَالُ قَبْلَ إمْكَانِ الإِخْرَاجِ وبَعْدَ حُلُولِ الحَوْلِ لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ. فَإِنْ مَنَعَ الزَّكَاةَ جَاحِداً لِوُجُوبِهَا كُفِّرَ وأُخِذَتْ مِنْهُ وقُتِلَ (٥)، وإِنْ مَنَعَهَا بُخْلاً بِهَا وقَدَرَ الإِمَامُ عَلَى أَخْذِهَا أَخَذَهَا مِنْهُ وعَزَّرَهُ، وإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَخْذِهَا إِمَّا بِأَنْ يُقَاتِلَهُ أَوْ يُغَيِّبَ المَالَ أَمَرَهُ بِإِخْرَاجِهَا، وَاسْتُتِيْبَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ تَابَ وأَخْرَجَ وإِلاَّ قُتِلَ وأُخِذَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ، وكَذَلِكَ يُسْتَتَابُ مَنْ تَرَكَ الصِّيَامَ (٦) والحَجَّ تَهَاوُناً ثَلاَثاً، فَإِنْ تَابَ وإلاَّ قُتِلَ.

وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا (٧): إنَّهُ إذا امْتَنَعَ وَقَاتَلَ الإِمَامَ عَلَى الزَّكَاةِ كُفِّرَ، وإِذَا غَلَّ مَالَهُ


(١) الأقِط والإقْط والأَقْط والأُقْط: شيء يتخذ من اللبن المخيض يطبخ، ثمّ يترك حتّى يمصل، ثمّ يؤكل جافاً. انظر: اللسان ٧/ ٢٥٧ (أقط)، وشرح الزركشي ١/ ٦٦٩.
(٢) نقل حنبل: أنه إذا أخرج الأقط أجزأه؛ لأنّه منصوص عليه، ونقل ابن مشيش: إذا لم يجد التمر فأقط، فظاهر هذا أنّه لا يجوز إخراجه مع وجود غيره، وهو اختيار الخرقي. الرّوايتين والوجهين ٤٤/ ب، وانظر: الشرح الكبير ٢/ ٦٦٤، وشرح الزركشي ١/ ٦٦٨.
(٣) انظر: الشرح الكبير ٢/ ٦٦٥.
(٤) انظر: الشرح الكبير ٢/ ٦٦٥.
(٥) اختلفت الرواية عن أحمد فيمن اعتقد وجوب الزكاة وامتنع من إخراجها وقاتل عليها، فإنه لا يورث ولا يصلى عليه، وإن منعها بخلاً أو تهاوناً لم يقاتل ولم يحارب على المنع، ورث ويصلى عليه. انظر: الروايتين والوجهين ٣٨/ أ.
(٦) نقل الأثرم فيمن ترك صوم رمضان هو مثل تارك الصلاة، فقال: الصّلاة آكد ليس هي كغيرها، فقيل له: تارك الزكاة، فقال: قد جاء عن عبد الله بن مسعود: ((ما تارك الزكاة بمسلم)). الروايتين والوجهين ٣٨/ ب.
(٧) وهو ما تدل عليه رواية الميموني عن الإمام أحمد. انظر: المغني ٢/ ٤٣٧.

<<  <   >  >>