للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَلَى وَجْهَيْنِ. وَإِنْ كَانَ جَاهِلاً أو نَاسِياً لَمْ تَبْطُلْ صَلاَتُهُ، وهَلْ يُعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ أمْ لاَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ (١). فَإِنْ سَبَقَهُ بِرَكْنيْنِ فَرَكَعَ قَبْلَهُ، فَلَمَّا أَرَادَ أنْ يَرْكَعَ رَفَعَ، فَلَمَّا أَرَادَ أنْ يَرْفَعَ سَجَدَ، فَمَتَى فَعَلَ مَعَ عِلْمِهِ بِتَحْرِيْمِهِ، بَطَلَتْ صَلاَتُهُ، وإنْ فَعَلَهُ مَعَ الجَهْلِ لَمْ تَبْطُلْ، وَلَمْ يُعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ.

ويُسْتَحَبُّ للإِمَامِ أنْ يُخَفِّفَ صَلاَتَهُ (٢) مَعَ إتْمَامِهَا (٣) إلاَّ أنْ يَعْلَمَ أنَّ مَنْ وَرَاءهُ يُؤْثِرُ التَّطْوِيْلَ. ويُسْتَحَبُّ لَهُ أنْ يُطِيْلَ الرَّكْعَةَ الأُوْلَى مِنْ كُلِّ صَلاَةٍ (٤)، وإِذَا أَحَسَّ بِدَاخِلٍ وَهُوَ في الصَّلاَةِ اسْتُحِبَّ لَهُ انْتِظَارُهُ مَا لَمْ يَشُقَّ عَلَى المَأْمُومِيْنَ، وَقِيْلَ: لا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ (٥).

وكُلُّ صَلاَةٍ شُرِّعَ فِيْهَا الجَمَاعَةُ للرِّجَالِ اسْتُحِبَّ للنِّسَاءِ فِعْلُهَا في جَمَاعَةٍ، وعَنْهُ: لاَ يُسْتَحَبُّ. ولاَ يُكْرَهُ لِلْعَجَائِزِ حُضُورُ الجَمَاعَةِ مَعَ الرِّجَالِ (٦).

بَابُ صِفَةِ الأَئِمَّةِ

السُّنَّةُ أَنْ يَؤُمَّ القَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ (٧)، فَإِنِ اسْتَوَوا فَأَفْقَهُهُمْ،


(١) انظر: الروايتين والوجهين ٢٧/ ب.
(٢) في المخطوط: ((صلاتكم))، تحريف.
(٣) للحديث الَّذِي رَوَاهُ أبو هُرَيْرَةَ عَن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا صلى أحدكم للناس فليخفف، فإن فيهم السقيم والشيخ الكبير وذا الحاجة)). والحديث أخرجه أحمد ٢/ ٢٧١ و٥٠٢، ومسلم ٢/ ٤٣ (٤٦٧) (١٨٥)، وأبو داود (٧٩٥).
(٤) لحديث أبي قتادة قَالَ: ((كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلِّي بنا، فيقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكِتَاب وسورتين، ويسمعنا الآية أحياناً. وَكَانَ يطول الركعة الأولى من الظهر ويقصر الثانية)). والحديث متفق عليه أخرجه البخاري ١/ ١٩٧ (٧٧٦)، ومسلم ٢/ ٣٧ (٤٥١) (١٥٤). وانظر: الشرح الكبير ٢/ ١٦٠١٥.
(٥) انظر تفصيل ذَلِكَ في: الشرح الكبير ٢/ ١٦.
(٦) لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، ولكن ليخرجن وهن تفلات)). رَوَاهُ أبو هُرَيْرَةَ، وأخرجه الحميدي (٩٧٨)، وأحمد ٢/ ٤٣٨ و٤٧٥ و٥٢٨، والدارمي (١٢٨٢) و (١٢٨٣)، وأبو داود (٥٦٥)، وابن خزيمة (١٦٧٩)، ومعنى ((التفلات)): تاركات للعطر. انظر: النهاية ١/ ١٩٠.
(٧) ذَكَرَ صاحب الشرح الكبير ٢/ ١٧ خلافاً في هذه المسألة وسنورده لما فيه من الفائدة، قَالَ: ((يعني أن القارئ مقدم عَلَى الفقيه وغيره، ولا خلاف في التقديم بالقراءة والفقه، واختلف في: أيهما يقدم؟ فذهب أحمد - رَحِمَهُ اللهُ - إِلَى تقديم القارئ، وَهُوَ قَوْل ابن سيرين والثوري وابن المنذر وإسحاق وأصحاب الرأي، وَقَالَ عطاء ومالك والأوزاعي والشافعي: يقدم الأفقه إذا كَانَ يقرأ ما يكفي في
الصَّلاَة؛ لأنَّهُ قَدْ ينوبه فِي الصَّلاَة مَا لاَ يدري مَا يفعل فِيْهِ إلا بالفقه فيكون أولى)).
قُلْنَا: والحديث الَّذِي رَوَاهُ أبو مَسْعُود يبين أن القارئ مقدم عَلَى الفقيه، فَقد قَالَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سناً، ولا يؤم الرجلُ الرجلَ في سلطانه)).
والحديث أخرجه الطيالسي (٦١٨)، وعبد الرزاق (٣٨٠٨)، والحميدي (٤٥٧)، وأحمد ٤/ ١١٨ و١٢١ و٥/ ٢٧٢، ومسلم ٢/ ١٣٣ (٦٧٣) (٢٩٠)، وابن ماجه (٩٨٠)، والترمذي (٢٣٥)، وابن خزيمة (١٥٠٧) و (١٥١٦)، والدارقطني ١/ ٢٧٩، والبيهقي ٣/ ٩٠ و١١٩ و١٢٥، والبغوي (٨٣٢) و (٨٣٣). ولأن هَذَا الترتيب جاء عَن الشارع فيتقيد بِهِ، فالأولى تقديم القارئ.

<<  <   >  >>