للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المَاءُ ولاَ يُمْكِنُهُ زَرْعُهُ حَتَّى يُرَاحَ عَاماً ويُزْرَعَ عَاماً أَخَذَ مِنْهُ نِصْفَ خَرَاجِهَا في كُلِّ عَامٍ، وإِذَا أَوْجرَتِ الأَرْضُ الخَرَاجَ، فَخَرَاجُهَا عَلَى المَالِكِ والعُشْرُ عَلَى المُسْتَأْجِرِ في أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ، والأُخْرَى: يَجِبُ الخَرَاجُ والعُشْرُ عَلَى المُسْتَأْجِرِ أَوْمَأَ إِلَيْهِ في رِوَايَةِ أبي الصَّقْرِ ومُحَمَّدِ بنِ أبي حَرْبٍ، واخْتَارَهُ أبو حَفْصٍ العُكْبُرِيُّ. والخَرَاجُ كَالدَّيْنِ يُحْبَسُ بِهِ إِنْ كَانَ مُوْسِراً، ويُنْظَرُ بِهِ إِذَا كَانَ مُعْسِراً. وإِذَا عَجَزَ رَبُّ الأَرْضِ عَنْ عِمَارَةِ أَرْضِ الخَرَاجِ أُجْبِرَ عَلَى إِجَارَتِهَا أو رَفَعَ يَدَهُ عَنْهَا وَدَفَعَهَا إلى مَنْ يَعْمُرُهَا، ومَنْ ظُلِمَ في خَرَاجِهَا لَمْ يَحْتَسِبْهُ مِنَ العُشْرِ في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، والأُخْرَى: يُحْتَسَبُ مِنَ العُشْرِ، وَهِيَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ. ومَصْرَفُ الخَرَاجِ مَصْرَفُ الفَيءِ، فَإِنْ رَأَى الإِمَامُ المَصْلَحَةَ في تَرْكِ خُرَاجِ إِنْسَانٍ لَهُ جَازَ، ويَجُوزُ للإِمَامِ أَنْ يَقْطَعَ الأَرَاضِيَ والمَعَادِنَ والدُّوْرَ، نَصَّ عَلَيْهِ. ويَجُوزُ للرَّجُلِ أَنْ يَرْشُوَ العَامِلَ ويَهْدِيَ لَهُ؛ لِيَدْفَعَ عَنْهُ الظُّلْمَ فِي الخَرَاجِ / ١٢٢ ظ / ولاَ يَجُوزُ ذَلِكَ لِيَدَعَ له مِنْ خَرَاجِهِ شَيْئاً، ويَجُوزُ العَمَلُ مَعَ السُّلْطَانِ وَقَبُولُ جَوَائِزِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ في رِوَايَةِ المِرْوَذيِّ فَقَالَ: جَوَائِزُ السُّلْطَانِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الصَّدَقَةِ.

بَابُ قِسْمَةِ الفَيءِ

الفَيءُ (١): كُلُّ مَالٍ أُخِذَ مِنَ المُشْرِكِيْنَ بِغَيْرِ قِتَالٍ كَالجِزْيَةِ والخَرَاجِ والعشُوْرِ، إِذَا دَخَلُوا إِلَيْنَا تُجَّاراً، والأَمْوَالُ الَّتِي صُوْلِحُوا عَلَيْهَا تَرَكُوْهَا فَزَعاً مِنَ المُسْلِمِيْنَ وَهَرَبُوا أَو مَاتُوا عَنْهَا، ولاَ وَارِثَ لَهُمْ، وما أَشْبَهَ ذَلِكَ.

وحًكْمُهُ: أَنْ يُصْرَفَ في مَصَالِحِ المُسْلِمِيْنَ ولاَ يُخَمَّسُ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللهُ (٢) - وَقَالَ الخِرَقِيُّ (٣): يُخَمَّسُ، ويُصْرَفُ خُمْسُهُ إلى أَهْلِ الخُمْسِ (٤)، وأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ في المَصَالِحِ، وعَلَى كِلاَ الرِّوَايَتَيْنِ يُبْدَأُ بالأَهَمِ فالأَهَمِ عَلَى مَا بَيَّنَا في خُمْسِ الخُمْسِ، وللإِمَامِ أَنْ يُفَضِّلَ في قِسْمَةِ الفَيءِ قَوْماً عَلَى قَوْمٍ، نَصَّ عَلَيْهِ (٥) في رِوَايَةِ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ وإِسمَاعِيْلَ بنِ سَعِيْدٍ، وَقَالَ أَبو بَكْرٍ عَبْدُ العَزِيْزِ: اخْتِيَارُ أَبِي عَبْدِ اللهِ أَنْ لاَ يُفَضِّلُوا بَلْ


(١) انظر: الصحاح ١/ ٦٣، ولسان العرب ١/ ١٥٠ (فيأ).
(٢) نقله عنه أبو طالب. الروايتين والوجهين ٩٩/ أ، وانظر: المغني ٧/ ٢٩٩.
(٣) انظر: شرح الزركشي ٣/ ٨٨، والروايتين والوجهين ٩٩/ أ.
(٤) هم خمسة أصناف ومنهم من جعلهم ستة استناداً إلى ظاهر الآية: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} الأنفال: ٤١.
فعددهم - كَمَا في الآية - ستة وجعل الله تَعَالَى لنفسه سهماً سادساً، وهو مردود عَلَى عباد الله أهل الحاجة. انظر: المغني ٧/ ٣٠٠.
(٥) انظر: الروايتين والوجهين ١٠١/ أ، وشرح الزركشي ٣/ ٩١ - ٩٣.

<<  <   >  >>