للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الطَّهَارَةِ (١)

- بَابُ المِيَاهِ -

قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَأَنْزلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوْراً} (٢).

والمِيَاهُ تَنْقَسِمُ ثَلاَثَةَ أَقْسَامٍ:

مَاءٌ يَجُوزُ بهِ رَفْعُ الأحداثِ، وإزالَةُ الأنجاسِ، وهو الطَّهُورُ (٣) الذي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ أوْ نَبَعَ مِنَ الأرْضِ وَبَقِيَ على إطلاقِهِ، فإنْ سُخِّنَ بالشَّمْسِ أوْ بالطَّاهِراتِ لَمْ تُكْرَهِ الطَّهَارَةُ بهِ، وإنْ سُخِّنَ بالنَّجَاسَاتِ كُرِهَ التَّطْهُّرُ بهِ في إحدَى الرِّوايَتَيْنِ، وفي الأُخْرَى: لاَ يُكْرَهُ (٤).

وَمَاءٌ طَاهِرٌ غَيْرُ مُطَهِّرٍ، وهوَ مَا دُونَ القُلَّتَيْنِ إذا اسْتُعْمِلَ في رَفْعِ حَدَثٍ، فإنِ اسْتُعْمِلَ في طُهْرٍ مُسْتَحَبٍّ، كغسلِ الْجُمُعَةِ والعِيْدَيْنِ وتَجْدِيْدِ الوُضُوءِ، أو خَلَتْ بالوُضُوءِ منهُ امْرَأَةٌ، أوْ غَمسَ فيهِ يَدَهُ قائِمٌ مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ قَبْلَ غَسْلِهِما ثلاثاً، فَهُوَ عَلَى إطلاقِهِ في إحدى الرِّوَايَتَيْنِ، وَفِي الأخْرَى يَصِيْرُ غَيْرَ مُطَهِّرٍ (٥).


(١) الطَّهارَةُ: النَّزَاهَةُ عَنِ الأدناسِ وقومٌ يَتَطَهَّرُونَ، أي: يَتَنَزَّهُونَ عَنِ الأدناسِ. الصحاح٢/ ٧٢٧، والتاج ١٢/ ٢٢٤.
(٢) الفرقان: ٤٨.
(٣) قال البغوي في التَّهذيب ١/ ١٤٢: ((الطَّهُورُ: هو الْمُطَهَّر، وهو اسم لِما يُتَطَهَّر بهِ، كالسَّحُورِ: اسم لِمَا يُتَسَحَّرُ بهِ، والفَطُور: اسمٌ لِمَا يُتَفَطَّرُ بهِ)).
وقال ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق ١/ ١٨٧: ((الطهور: هو الطاهر في نفسه المطَهِّر لغيره، فهو من الأسماء المتعدية)). وانظر: المغني ١/ ٧، والإنصاف ١/ ٢١، وكشاف القناع ١/ ٢٣، وشرح منتهى الإرادات ١/ ١٠. وَفِي الصحاح ٢/ ٧٢٧: ((الطهور: مَا يتطهر بِهِ، كالكافور والسحور والوقود)).
(٤) هاتان الروايتان لَم يذكرهما أبو يعلى الفرّاء في كتابه " الروايتين والوجهين "، ولا المرداوي في الإنصاف. ونقلهما ابْن قدامة فِي المغني ١/ ١٨ عن الكلوذاني وحكاهما القفال فِي حلية الْعُلَمَاء ١/ ٧٠، والبهوتي فِي كشاف القناع ١/ ٢٧.
(٥) نقل الروايتين أبو يعلى الفراء في كتابه: " الروايتين والوجهين " ٥ / أ، ونقل الأولى عن أبي الحارث وإسماعيل ابن سعيد، عن الإمام أحمد، ونقل الثانية عن حنبل، عن الإمام.
وقد خصَّصَ ابن قدامة في المغني ١/ ٨٠ - ٨٢ وجوب غسل اليدين عقب النوم عن أحمد في الرواية الأخرى بما إذا كان ذلك عقب القيام من نوم الليل.
قلنا: السنة تعضد ذلك، فقد روى مُسْلِم١/ ١٦٠ (٢٧٨) (٨٧) من حديث أبي هريرة مرفوعاً: ((إذا استيقظ أحدكم من نومه، فلا يغمس يده في الإناء حتَّى يغسلها ثلاثاً، فإنه لا يدري أين باتت يده)).

<<  <   >  >>