للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العُكْبُرِيُّ (١): يَقَعُ الطَّلاقُ، وظَاهِرُ كَلامِ أحمدَ - رَحِمَهُ اللهُ - أنَّهُ لا يَقَعُ فإنْ نَوَى الطَّلاقَ بِقَلْبِهِ وأشَارَ بأصَابِعِهِ لمْ يَقَعْ، نَصَّ عليهِ (٢) في رِوَايَةِ حَرْبٍ.

فَصْلٌ

فأمّا الكِنَايَاتُ فَعَلى ضرْبَينِ: ظَاهِرَةٌ وخَفِيَّةٌ.

فالظَّاهِرَةُ: أنتِ خَلِيّةٌ بَرِيّةٌ وبَائِنٌ وبتّةٌ وبتلَةٌ والْحَقِي بأهْلِكِ وأنْتِ الحرجُ وأنْتِ حُرَّةٌ وأنْتِ طَالِقٌ لا رَجْعَةَ لِي عَلَيكِ.

وأمّا الخَفِيّةُ فَنَحْو قَوْلِهِ: اخْرُجِي وتَجَرَّعِي وذُوقِي واذْهَبِي وأنتِ مُخلاةٌ وأنْتِ وَاحِدَةٌ واعْتَزِلِي واعْتَدِّي واستبرئي ونحو ذلكَ. واخْتُلِفَ في قَولِهِ في: حَبْلُكِ على غَارِبِكِ واذْهِبِي فَتَزَوَّجِي مَنْ شِئْتِ وَحَلَلْتِ للأزْوَاجِ ولا سَبِيلَ لِي عليكِ ولا سُلْطَانَ لِي عَلَيكِ، فَرُوِيَ عنهُ أنّها ظَاهِرَةٌ، ورُوِيَ عنهُ أنَّها خَفِيّةٌ (٣).

واخْتَلَفَ أصْحَابُنَا في الكِنَايَاتِ على طَرِيْقَيْنِ فقالَ شَيْخُنَا (٤): / ٢٨٤ ظ / إذا أتَى بالظَّاهِرَةِ فَهِيَ ثَلاثٌ وإنْ نَوَى وَاحِدَةً وإذا أتى بالخفية وقع ما نواه فإن لم ينو عدداً وقعت واحدة وقالَ ابنُ أبي مُوسَى في " الإرشادِ ": في الخفيةِ كَقَولِ شَيْخِنَا. وفي الظَّاهِرَةِ على رِوَايَتَينِ (٥)، أصَحُّهُمَا: أنّها ثلاثٌ، والثَّانِيَةُ: يَرْجِعُ إلى مَا نَوَى وهو الأقْوَى عِنْدِي ونَقَلَ حَنْبَلٌ عَنْهُ (٦) إذَا طَلَّقَ امرأَتَهُ وَاحِدَةً الْبَتةَ كانَ أمْرَهَا بِيَدِهَا يَزِيْدُهَا في مَهْرِهَا إذا أرَادَ رَجْعَتَهَا، وظَاهِرُ هذَا أنَّهُ يَقَعُ بالكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ طَلْقَةً بَائِنَةً؛ لأنَّهُ جَعَل أمْرُهَا بِيَدِهَا وقالَ: يَزِيْدُهَا إن أرادَ رجعَتهَا يعني بالعَقْدِ ولَوْ وَقَعَ الثَّلاثُ لم تبحْ لهُ ولَو كَانَتْ رَجْعِيَّةً لم يَكُنْ أمْرُهَا بِيَدِهَا.

ومِنْ شَرْطِ وَقْعِ الطَّلاقِ بالكِنايَةِ أنْ يَنْوِيَ بِها الطَّلاقَ أو يَكُونَ جَوَاباً عَنْ سُؤَالِهَا الطّلاقَ، فإنْ عدمَ الشَّرْطَانِ ولكِنّهُ أتَى بِهَا في حَالِ الخُصُومَةِ والغَضَبِ فَعَلَى رِوَايَتَينِ، إحْدَاهُمَا: لا يَقَعُ بِها الطَّلاقُ نَصَّ عليهِ في رِوَايَةِ أبِي الحَارِثِ (٧)، والثَّانِيَةُ: يَقَعُ الطَّلاقُ، نَصَّ عليهِ في رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ وحَرْبٍ (٨).


(١) انظر: المقنع: ٢٣١، الهادي: ١٧٧، المحرر في الفقه ٢/ ٥٤، الشرح الكبير ٨/ ٢٨٣.
(٢) انظر: الهادي: ١٧٧، الشرح الكبير ٨/ ٢٨٣.
(٣) انظر: الإنصاف: ٨/ ٢٧٩ - ٢٨٠.
(٤) انظر: المقنع: ٢٣٢، الشرح الكبير ٨/ ٢٩٦، شرح الزركشي ٣/ ٣٦٠.
(٥) انظر: المقنع: ٢٣٢، شرح الزركشي ٣/ ٣٦١.
(٦) انظر: الشرح الكبير ٨/ ٢٤٨.
(٧) انظر: المقنع: ٢٣٢، الشرح الكبير ٨/ ٢٦٨.
(٨) الشرح الكبير ٨/ ٢٦٨.

<<  <   >  >>