للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَتَصَدَّقَ وأَضَرَّ بِنَفْسِهِ أو بأَهْلِهِ أَثِمَ، وإِذَا أَرَادَ أنْ يَتَصَدَّقَ بِجَمِيْعِ مَالِهِ نَظَرَ في حَالِهِ، فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ /٧٧ و/ حُسْنَ التَّوَكُّلِ وقُوَّةَ النَّفْسِ والصَّبْرَ عَلَى المَسْأَلَةِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ وإن لَمْ يثق من نفسهِ بِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ، ويُكْرَهُ لِمَنْ لا صَبْرَ لَهُ عَلَى الإِضَاقَةِ أَنْ يُنْقِصَ نَفْسَهُ عَنِ الكِفَايَةِ التَّامَةِ.

كِتَابُ الصِّيَامِ (١)

يَجِبُ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ (٢) بِرُؤْيَةِ الهِلاَلِ (٣)، فَإِنْ لَمْ يُرَ مَعَ الصَّحْوِ أَكْمَلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِيْنَ يَوْماً (٤)، ثُمَّ صَامُوا، فَإِنْ حَالَ دُوْنَ مَطْلَعِهِ غَيْمٌ أو


(١) صَامَ يَصُومُ صَوْماً وصِيَاماً - بالكسر - واصْطَامَ: إذا أمسك، هَذَا أصل اللغة في الصوم.
وفي الشرع: إمساك عَن الطعام والشراب. ومن المجاز: صام عَن الكلام إذا أمسك عَنْهُ، قَالَ تَعَالَى:
{إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً} (مريم: ٢٦)، أي: الإمساك عَن الكلام، ومنه قول سفيان بن عيينه: ((الصوم هُوَ الصبر، يصبر الإنسان عَن الطعام والشراب والنكاح: تركه، وَهُوَ أيضاً داخل في حد الصوم الشرعي)). انظر: تاج العروس ٨/ ٣٧٢، ولسان العرب ٥/ ٧١.
(٢) لقوله عز وجل: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} (البقرة: ١٨٣)، ولحديث ابن عمر قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((بني الإسلام عَلَى خمس، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن مُحَمَّداً رسول الله، وإقام الصَّلاَة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت)).
أخرجه الحميدي (٧٠٣) و (٧٠٤)، وأحمد ٢/ ٢٦ و ٩٢ و ١٢٠، وعبد بن حميد (٨٢٣)، ومسلم ١/ ٣٤ (١٦) (١٩)، والترمذي (٢٦٠٩)، وأبو يعلى (٥٧٨٨)، وابن خزيمة (٣٠٩) و (١٨٨١) و (٢٥٠٥)، والآجري في الشريعة: ١٠٦، والطبراني في الأوسط (٦٢٦٠)، وابن عدي في الكامل ٢/ ٦٦٠، والبيهقي ٤/ ٨١ و ١٩٩.
(٣) لما صح عن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - في وجوب الصوم عند رؤية الهلال ومنه حديث ابن عمر قَالَ: قَالَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غُمَّ عليكم فأقدروا لَهُ)).
والحديث أخرجه الشافعي في المسند (٦٠٧) بتحقيقنا، والطيالسي (١٨١٠)، وأحمد ٢/ ١٤٥، والبخاري ٣/ ٣٣ (١٩٠٠)، ومسلم ٣/ ١٢٢ (١٠٨٠) (٨)، وابن ماجه (١٦٥٤)، والنسائي ٤/ ١٣٤، وابن خزيمة (١٩٠٥)، وابن حبان (٣٤٤١)، والبيهقي ٤/ ٢٠٤ - ٢٠٥ كلهم من طريق سالم بن عبد الله، عن ابن عمر، به.
(٤) لأن هَذَا اليوم الَّذِي احتسب مكملاً لعدة شعبان ثلاثين يوماً، لا يخلو من حالين:
١. أن يكون يوم شك، وقد نهى الشارع عَن صيامه، فثبت عن عمار بن ياسر - رضي الله عنه - أنه قَالَ: ((من صام اليوم الَّذِي يشك فيه الناس، فقد عصى أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم -)).
أخرجه الدارمي (١٦٨٩)، وأبو داود (٢٣٣٤)، وابن ماجه (١٦٤٥)، والترمذي (٦٨٦)، والنسائي ٤/ ١٥٣، وأبو يعلى (١٦٤٤)، وابن خزيمة (١٩١٤)، وابن حبان (٣٥٨٥)
و (٣٥٩٥)، والطحاوي في شرح المعاني ٢/ ١١١، والدارقطني ٢/ ١٥٧، والحاكم ١/ ٤٢٣، والبيهقي ٤/ ٢٠٨.
٢. أن لا يكون يوم شك، إلا أنه يسبق رمضان، وقد نهى عنه أيضاً لما روي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((لا تقدموا الشهر بيوم ولا بيومين، إلاّ أن يوافق ذلك صوماً كَانَ يصومه أحدكم)). أَخْرَجَهُ الشافعي (٦٠٩) بتحقيقنا، والطيالسي (٢٣٦١)، وعبد الرزاق (٧٣١٥)، وابن أبي شيبة (٩٠٣٥)، وأحمد ٢/ ٢٣٤ و ٢٨١ و ٣٤٧ و ٤٠٨ و ٤٣٨ و ٤٧٧ و ٤٩٧ و ٥١٣ و ٥٢١، والدارمي (١٦٩٦)، والبخاري ٣/ ٣٥ (١٩١٤)، ومسلم ٣/ ١٢٥ (١٠٨٢) (٢١)، وأبو داود (٢٣٣٥)، والترمذي (٦٨٤)، والطحاوي في شرح المعاني ٢/ ٨٤، وابن حبان (٣٥٨٦)
و (٣٥٩٢)، والبيهقي ٤/ ٢٠٧.

<<  <   >  >>